أمّه، وأعتقت بنت رياح الحطيئة وربَّته، فكان كأنه أحدهم، ثم اعترفت أمّه بأنه من أوس. وترك الأفقم نخيلًا باليمامة فأتى الحطيئة أخويه من أوس، فقال لهم: أفردوا [إليَّ] من مالكم قطعة، فقالا: لا، ولكن أقم معنا [فنحن] نواسيك، فهجاهما وسأل أمّه من أبوه، فخلَّطت عليه، فغضب عليها، وهجاها ولحق بإخواته من بني الأفقم، ونزل عليهم في القريَّة ومدحهم، وسألهم عن ميراثه من الأفقم، فأعطوه نخيلات فلم تقنعه، فسألهم ميراثه كاملًا، فلم يعطوه شيئًا، فغضب عليهم وهجاهم، ثمَّ عاد إلى بني عبس وانتسب إلى أوس بن مالك. وقال ابن قتيبه: وكان الحطيئة راوية زهير، وكان جاهليًا إسلاميًا، ولا أراه أسلم إلاَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأني لم أجد له ذكرًا فيمن وفد عليه من وفود العرب، غير أني وجدته في خلافة أبي بكر يقول:
أطعنا رسول الله إذ كان حاضرًا ... فيالهفي ما بال دين أبي بكر
أيورثها بكرًا إذا مات بعده ... فتلك وبيت الله قاصمة الظَّهر
وقال ابن حجر في "الإصابة": كان أسلم في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلّم، ثمَّ ارتدَّ ثمَّ أسر وعاد إلى الإسلام. وروى الأصمعي عن عمه قال: كان الحطيئة جشعًا سؤولًا ملحفًا دنيء النّفس، كثير الشر بخيلًا، قبيح المنظر، رث الهيئة، مغموز النسب، فاسد الدّين. وقال أبو عبيدة: النمس الحطيئة ذات يوم إنسانًا يهجوه فلم يجده، وضاق ذلك عليه، فجعل يقول:
أبت شفتاي اليوم إلاَّ تكلُّما ... بسوءٍ فما أدري لمن أنا قائله
وجعل يهدر هذا البيت في أشداقه، ولا يرى إنسانًا، إذ طلع في حوض، فرأى وجهه فقال:
أرى لي وجهًا شوَّه الله وجهه ... فقبَّح من وجهٍ وقبِّح حامله