فقال: قد أوصيت لهم بالمسألة، قالوا: أعتق غلامك يسارًا، قال: هو عبد ما بقي من عبس على الأرض رجل. انتهى. وقد أورد صاحب "الأغاني" قصة هذه الوصية بأبسط ممّا مرَّ، نقلناها في الشاهد التاسع والأربعين بعد المائة.
قال الدماميني: معناه أنَّ من لا يعرف أساليب الكلام، ولا يستطيع توفية كلّ مقام حقّه من العبارة، إذا تعاطى الشعر يريد أن يأتي به عربيًا فصيحًا، فيزل بسبب جهله بمقتضيات الأحوال فيعجمه، أي: ياتي به عجميًا لا رونق له ولا فصاحة. انتهى.
وقوله: والشعر لا يسطيعه من يظلمه، يقول: من ليس من رجال الشعر، إذا تعاطى نظمه ظلمه، ولم يستطع أن يأتي به كما ينبغي.
والحطيئة: اسم جرول بن أوس بن جؤية بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة ابن عبس، وكنيته: أبو مليكة. واختلف في تلقيبه بالحطيئة- بضم الحاء المهملة وفتح الطّاء وسكون المثناة التحتية بعدها همزة- فقيل: لقِّب بذلك لقصره وقربه من الأرض، قال الجوهري: والحطيئة: الرجل القصير، وقال الثعلب: وسمي الحطيئة لدمامنه، وقيل: لأنه ضرط بين قوم، فقيل له: ما هذا؟ فقال: حطأة. يقال: حطأ: إذا ضرطّ، وقيل: لأنه كان محطوء الرجل، والرِّجل المحطوءة: التي لا أخمص لها.
وهو أحد فحول الشعراء، متصرف في فنون الشعر من المديح والهجاء والفخر والنسيب، وكان سفيهًا شريرًا ينتسب إلى القبائل، وكان إذا غضب على قبيلته انتمى إلى أخرى. قال ابن الكلبي: كان الحطيئة مغموز النسب، وكان من أولاد الزنا الذين شرفوا، قال: وكان أوس بن مالك العبسي تزوج بنت رياح بن عوف الشيبانية، وكانت لها أمة يقال لها الضرّاء، فأعلقها أوس، وكانت لبنت رياح أخ يقال له الأفقم، فلما ولدت الضرّاء جاءت به شبيهًا بالأفقم، فقالت مولاتها: من أين لك هذا الصبي؟ قالت: من أخيك، وهابت أن تقول: من زوجك. ثم مات الأفقم وترة ابنين من حرَّة، وتزوج الضرّاء رجل من عبس، فولدت له ابنين، فكان أخوي الحطيئة من