للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصَّ ابن عصفور زيادتها في مثل هذا البيت بالضرورة، قال: ومنها زيادة اللام على المفعول في حال تأخره عن الفعل العامل فيه تقوية للعمل، نحو قول ابن ميادة:

وملكت ما بين العراق ويثرب ... البيت

يريد: أجار مسلمًا ومعاهدًا، وقول الآخر:

فلمّا أن توافينا قليلاً ... أنخنا للكلاكل فارتمينا

يريد: أنخنا الكلاكل، وقد يجيء ذلك في سعة الكلام، نحو قوله تعالى: {قل عسى أن يكون ردف لكم} [النمل/٧٢] أي: ردفكم، لأنَّ ذلك لا يحسن إلاَّ في الشعر، فلذلك أورد في الضرائر. انتهى. وفي (شرح التسهيل) لناظر الجيش: قال ابن أبي الربيع: اختلف الناس في زيادة اللام: فأما سيبويه فلم يذكر ذلك، وتابعه عليه أبو علي، وذهب المبرد إلى زيادتها مستدلاًّ بقوله تعالى: (ردف لكم) المعنى: ردفكم، وبقوله تعالى: {إن كنتم للُّرؤيا تعبرون} [يوسف/٤٣] لأنك تقول: عبرت الرؤيا، ولا تقول: عبرت للرؤيا، فأما هذه الآية الشريفة فلا دلالة له فيها عندي؛ لأنَّ العامل قد تأخر، وإذا تأخر عن منصوب يصل إليه بنفسه، جاز دخول حرف الجر، وذلك أن الفعل إذا تأخر ضعف وصوله إلى مفعوله، فجاز أن يقوى بحرف يصل إليه، وأما الآية الشريفة الثانية فالاستدلال بها أقوى من الأولى إلاَّ أنه يمكن أن يضمِّن ردف معنى تهيّأ، والتقدير: عسى أن يكون تهيّأ لكم بعض الذي تستعجلون، وإذا أمكن أن يبقى الحرف على معناه، فلا سبيل إلى ادعاء الزيادة؛ لأنَّ الزيادة في الشيء خروج عن موضع الشيء. انتهى.

وقد روي البيت هكذا:

ومن يك ذا عودٍ صليبٍ يعده ... ليكسر ..

فتكون اللام للتعليل لا زائدة، وبعده: مضارع أعده لكذا، أي: هيأه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>