للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى. وقليل: فاعل كفاني، ومفعول لم أطلب محذوف تقديره: لم أطلب المجد المؤثل وهو الملك والسلطنة، فلا تنازع، وقال أبو عبد الله الحسن بن موسى الدينوري، والذي يقوي في نفسي، وما سبقني إليه أحد أن قوله: "ولم أطلب": ولم أسع، وهو غير متعد، فلذلك لم يحفل به، ولا أعمل الأول، ولا أدري كيف خفي على الأفاضل من أصحابنا حتى جعلوا البيت شاهدًا على إعمال الأول. انتهى. بقول: لو أن سعيي لاكتساب المال، لكفاني اليسير منه عن الجهد في الطلب، ولكنني ساع لطلب استرجاع المجد القديم، وإدراك الغاية، والأخذ بالثأر.

وقد أخذهما بعض الشّعراء وغير قافيته، أنشد أبو تمام في كتاب "مختار أشعار القائل" لخفاف بن الغضبن بن البراجم:

فلو أنَّما أسعَى لنفسي وحدها ... لزاد يسيرٍ أو ثيابٍ على جلدي

لأنتُ على نفسي وبلَّغَ حاجتي ... من المال مالٌ دونَ بعضِ الذي عندي

ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثلٍ ... وكان أبي نال المكارم عن جدي

أنتُ على نفسي: رفقت بها، وأبقيت عليها. انتهى. وكذا أوردها الآمدي في كتاب "المؤتلف والمختلف" من أسماء الشعراء قال: ومنهم خُفاف بن غُضين بن حَزْن بن ديافي بن نفنف بن عمرو بن حنظلة البرجمي، وهو القائل:

ولو أنما أسعى لنفسي وحدها .. إلى آخر الأبيات الثلاثة.

وخفاف بضم الخاء المعجمة وخفة الفاءين كغراب، وغضين، بضم الغين وفتح الضاد المعجمتين على وزن المصغر. وشعر هذا الرجل أوضح معنى شعر امرئ القيس الذي فهمه البصرون، وفيه رد على الكوفيين في فهمهم معناه على خلاف مراده والله أعلم. وخفاف هذا أظنه جاهليًا والله أعلم به. روى الخالدي في "اختيار شعر مسلم بن الوليد" عن المفضل ابن محمد الضبي أنه قيل للفرزدق: أي بيت قالته العرب أحكم؟ قال: بيت امرئ القيس: ولكنما أسعى لمجد مؤثل .. البيت. قيل: فأيُّ بيت قالته العرب في الوصف أحسن؟ قال: بيت امرئ القيس:

<<  <  ج: ص:  >  >>