وقال أبو حيان في شرح "التسهيل": قال بعض شيوخنا: هل لانتهاء الغاية، كأنه قال: إنني أشبه الجمل المطلي، إذا أخذت مضافًا إلى الناس، ولا اشبه في غير تلك الحالة، فإلى متعلقة بمضاف، وحذف لدلالة الكلام عليه، بمنزلة قوله تعالى:(إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ)[النمل/ ١٢] ويكون المضاف المحذوف منصوبًا على الحال، والعامل ما في "كأن" من معنى التشبيه انتهى. وترك: له استعمالان، أحدهما: أن يكون متعديًا إلى مفعول واحد، يقال: تركه، إذا خلاه. وثانيهما: أن يكون متعديًا إلى مفعولين؛ بمعنى جعل، وكلاهما جائز هنا، فإن كان المراد الأول، فالباء في قوله: بالوعيد، للملابسة، "وجملة كأنني إلى آخر البيت": جملة مستأنفة لبيان وجه النهي، وإن كان المراد الثاني فالباء للسببية، وجملة كأنني ... إلخ: في موضع المفعول الثاني، والمعنى: لا تجعلني بسبب الوعيد مشبهًا للأجرب المطلي بالقار. قال الأزهري في "التهذيب": أخبرني المنذري عن أبي العباس أنه قال: القار والقير: كل شيء يطلى به، مسموع من العرب. قال: وكل ما طلي بشيء فقد قيِّر به. انتهى. والمراد به هنا القطران، لأنه دواء الأجرب، لا الزفت، لأنه ليس دواءً له. والأجرب يصح حمله على الناس، وعلى الإبل، وقصره على الثاني تقصير، وإلى: متعلقة بمطليّ لتأويله بمبغض، وهو خبر كأنّ، بتقدير موصوف، أي: رجل مطلي، وضمير "به" يعود إلى الموصوف المقدر، والقار: نائب الفاعل لمطلي، وأجرب: بدل كل من مطلي، ولو نصب مطليًا وقال: مطليًا به القار أجرب؛ لكان جائزًا، لأنه يقدر أنه كان في الأصل صفة لأجرب، فلما قدّم عليه صار حالًا منه، وفيه قلب، لأنه يقال: طليته بالقطران، مثلان، فالمطلي هو الرجل لا القار، فكان الأصل: رجل مطلي بالقار. والوعيد: التهديد.
والبيت من قصيدة للنابغة الذبياني اعتذر بها إلى النعمان بن المنذر اللخمي في