للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا قال أبو حيان في "تذكرته" وقال المحقق الرضي: لمجاورته "أناساً" تقديراً لا ل"بجاد"، لتأخره عن "مزمل" في الرتبة، فإن قوله "في بجاد" متعلق ب"مزمل" ولم يجعل أبو علي خفضه على المجاورة، بل جعله صفة ل"بجاد" قال: أراد: في بجاد مزمل فيه، ثم حذف حرف الجر، فارتفع الضمير واستر في اسم المفعول.

والبيت من معلقة امرئ القيس، والرواية:

كأن ثبيراً في عرانين وبله

وثبير: جبل بمكة، والعرانين، الأوائل، والأصل في هذا قولهم للأنف: عرنين استعير لأوائل المطر، لأن الأنوف تتقدم الوجوه، والوبل: مصدر وبلت اسماء تبل وبلاً: إذا أتت بالوابل، وهو ما عظم من القطر. وضمير "وبله" راجع للسحاب في بيت قبله، والبجاد بكسر الموحدة بعدها جيم: وهو كساء مخطط من أكسية الأعراب من وبر الإبل وصوف الغم، والمزمل: الملتف.

قال الزوزني: يقول: كأن ثبيراً في أوائل مطر هذا السحاب سيد أناس ملتف بكساء مخطط شبه تغطيه بالغثاء بتغطي هذا الرجل بالكساء. انتهى.

قال الخطيب التبريذي نقلاً عن أبي نصر إن امرأ القيس شبه الجبل وقد غطاه المال والغثاء الذي أحاط به إلا رأسه بشيخ في كساء مخطط، وذلك أن رأس الجبل يضرب إلى السوداء، والماء حوله أبيض. انتهى. وقال الدينوري: شبه ثبيراً برجل مزمل بالثياب، لأن المطر لما سمح سره. وروى المبرد في "الكامل" تبعاً للأصمعي: كأن أبانا في أفانين ودقه ... إلى آخره ..

قال: أبان جبل، وهما أبانان: أبان الأسود، وأبان الأبيض، وقوله: في أفانين ودقه. يريد ضروباً، والودق: المطر، فصار له كاللباس على الشيخ المتزمل، وقال آخرون: إنما أراد ما كساه المطر من خضرة النبت، وكلاهما حسن، وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>