الدور وتعقله، فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تؤمر وتطيع وتفهم الكلام، وتعبد بمنزلة الآدميين. وقال: دنوا فتصوبوا، وكان ينبغي أن يقول: دنون فتصوبن.
والبيت من قصيدة عدتها ستة وثلاثون بيتاً للنابغة الجعدي، وقبله:
وصهباء لا تخفي القذى وهي دونه ... تصفق في راووقها ثم تعطب
أي: رب صهباء لا تخفي القذى، أي: لا تستره إذا وقع فيها، لأنها صافية، فالقذى يرى فيها إذا وقع، وقوله: وهو دونه. يريد أن القذى إذا حصل في أسفل الإناء رآه الرائي في الموضع الذي هو فيه، والخمر أقرب إلى الرائي من القذى، وهي فيما بين الرائي، وبين القذى، يريد: أنها يرى ما وراءها، وتصفق: تدار من إناء إلى إناء، وتقطب: تمزج. وروي أيضاً:
وصهباء مثل المسك ساطع ريحها ... تصفق في ناجودها ثم تقطب
والناجود، بالنون والجيم: كل إناء يجعل فيه الشراب من قصعة وغيرها، وقوله: شربت بها، أي: منها، أو شربتها، والباء زائدة، وفي شعره: تمززتها، أي: شربتها قليلاً قليلاً، وقوله: يدعو صباحه، أي: يدعو في وقت إصباحه، وقوله: دنوا، أي: مالت بنات نعش إلى جانب الأفق للغروب، والتصوب: الانحدار، وبعده:
فإن تأخذوا مالي وأهلي بظنة ... فإني لحراب الرجال مجرب
صبور على ما يكره المرء كله ... سوى العار إني إن ظلمت سأغضب