الذي هو هو، لتكون الصلة شائعة، فلا تكون من مخصومة، لأنها فاعل نعم، فإن قدرت الذي هو هو وأنت تريد الذي هو مثله، فتحذف المضاف، فيصبر الذي هو هو معناه مثله، جاز أيضًا، وقد يجوز في القياس أن تجعل "من" نطرة، فإذا جعلت نكرة، احتاجت إلى صفة، فتكون الجملة التي قدرتها لة لها مقدرة صفة، ويكون المقصود بالمدخ مضمرًا، لأن ذكره قد جرى، كما جرى ذكر أيوب قبل قوله تعالى:(نعمَ العبدُ)(ص/ ٣٠) فاستغني بذلك عن ذكر ما يخصه بالمدح وإظهاره، ويجوز في القياس أن تجعل من نكرة، ولا تجعل له صفة كما فعل ذلك بما في قوله تعالى:(فنعما هي)(البقرة/ ٢٧١) فإذا جعلتها كذلك، كان كأنه قال: فنعم رجلًا، فيكون موضع "من" نصبًا، ويكون هو كتابة عن المقصود بالمدح، ووجه القياس في الحكم على "من" أنها نطرة غير موصوفة: أنهم جعلوا ما بمنزلة شيء وهو أشد إشاعة وإبهامًا من "من"، فإذا جاز أن لا توصف مع أنها أشد إبهامًا من "من" كان أن لا توصف "من" أجوز، لأنها أخص منها، فيصبر كأنه قال: نعم رجلًا هو، لأنها تخص الناس، ومن أشبههم كما كانت ما تعم الأشياء، إلا لم نعلمها في الاستعمال تركوا "من" بغير صفة، كما تركوا "ما" غير موصوفة في الخبر نحو التعجب، والآية التي تلوناها هذا آخر كلام أبي علي.
فمنْ في البيت عنده محتملة لأن تكون موصولة، ونكرة موصوفة، ونكرة تامة، وقدر رد ابن مالك في التمييز لا يقع في الكلام بالاستقراء إلا نكرة صالحة واللام، و "من" بخلاف ذلك فلا يجوز كونها تمييزًا.
الثاني: أن الحكم عليها بالتمييز عند القائل به مرتب على كون "من" نكرة غير موصوفة، وذلك منتف بإجماع في غير محل النزاع، فلا يصار إليه بلا دلي عليه.
فيصح القول: بأن من في موضع رفع بنعم، إذ لا قائل بقول ثالث. انتهى.
وقوله قد زكأتُ، أي: لجأتُ، والمزكأ: الملجأ، قال ابن مالك: وما يدل