إذا منعوه مما يمنعون منه أنفسهم، وأن يكون معهم يداً على غيرهم، وذبيان معطوف على الأحلاف، وقوله: هل أقسمتم كل مقسم، قال أبو جعفر والتبريزي: معناه هل أقسمتم كل إقسام أنكم تفعلون ما ينبغي، وقال الزوزني: هل بمعنى قد، يقول: أبلغ ذبيان وحلفاءها، وقل لهم: قد حلفتم على إبرام حبل الصلح كل حلف، فتحرجوا من الحنث وتجنبوه.
وقوله: فلا تكتمن الله .. إلى آخره، قال التبريزي: يقول: لا تكتموا الله ما صرتم إليه من الصلح وتقولوا: إنا لم نكن نحتاج إلى الصلح، وإنا لم نسترح من الحرب، فإن الله يعلم من ذلك ما تكتمونه، وقال أبو جعفر: معنى البيت: لا تظهروا الصلح وفي أنفسكم أن تغدروا كما فعل حصين بن ضمضم، إذ قتل ورد بن حابس بعد الصلح، أي: صححوا الصلح.
وقوله: يؤخر .. إلى آخره. قال التبريزي: أي: لا تكتموا الله ما في نفوسكم فيؤخر ذلك إلى يوم الحساب فتحاسبوا به، أو يعجل في الدنيا لكم النقمة به. وقال بعض أهل اللغة: يؤخر بدل من يعلم، كما قال تعالى:(ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ) [الفرقان/ ٦٩]، وأنكر بعض النحويين هذا، وقال: لا يشبه هذا الآية، لأن مضاعفة العذاب هو لقي الآثام، وليس التأخير هو العلم، ألا ترى أنك تقول: إن تعطني تحسن إلي أشكرك، فتبدل "تحسن" من "تعطني" لأن العطية إحسان، ولا يجوز أن تقول: إن تجئني تتكلم أكرمك، إلا على بدل الغلط، لأن التكلم ليس هو المجيء، وبدل الغلط لا يجوز أن يقع في الشعر، وأجاز سيبويه إسكان الفعل للشاكر، إذا اضطر يرده إلى أصله، فيجوز على مذهب سيبويه أن يكون قوله: يؤخر مردود إلى أصل الأفعال، يعني أنه مرفوع إلا أنه سكن الراء من "يؤخر" تشبيهاً بقوله: