للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطأ، والصواب بأذناب البقر، لأنَّ الذُنابي واحد مثل الذنب. انتهى. وقد تبعهما صاحب "القاموس" فقال: وقول الجوهريّ: علَّقوا بذنابي البقر غلط، والصَّواب بأذناب. انتهى. وأقول: الغلط منهم لا منه، فإنَّ غاية ما في التعبير بالواحد عن الجمع، وهو سائغ سائغ، قال الله تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر/ ٤٥] أي: الأدبار، وأمّا غلطهم، فجهلهم بصحّة ذلك، وزعمهم أنّه خطأ، على أنَّ نسخ "الصحاح" غالبها كما نقلناه، ولو كان فيها ذنابي كما زعموا، لنبّه عليها أبو محمّد عبد الله بن بري في "أماليه" على "الصحاح" والصّاغاني في "العباب" والصّلاح الصفدي في كتابه ""نفوذ السهم فيما وقع في صحاح الجوهري من الخطأ والوهم" ولم ينبّه أحد منهم على ذلك، وهو دليل على أنّه لم يقع في نسخهم ذنابى، ثمَّ إنَّ في بعض نسخ "القاموس" زيادة على هذا الاعتراض وهي: وفي البيت الذي استشهد به تسعة أغلاط. انتهى. وعندي نسختان من "القاموس" وما فيها شيء من هذا، والذي أجزم به أنَّ هذه الزيادة ليست لصاحب "القاموس" بل هي مدرجة فيه لوجهين:

أحدهما: أنَّ قائل الشعر عربيّ قحّ من بني مازن الطائيّ، وهو شاعر إسلاميّ قديم، وأظنّ أنه مخضرم، ونسبه إليه صاحب "العباب" كما نقلناه، وكذا نسبه إليه ابن برّي قال: والبيت الذي أنشده لودّاك الطائي، وقبله:

لا دّرُّ دَرٌّ رِجَالٍ خَابَ سَعيُهُمُ ... البيت.

وقال صاحب "العباب": الوَدَك دَسَمُ اللّحم، والوَدَّاك: الّذي يبيع الوَدَّك، وودّاك بن ثميل المازني الطائي شاعر. انتهى. وَثُمَيل بضمّ المثلثة وفتح الميم وسكون المثناة التحتيّة، ومعلوم أنَّ العربيّ الصّريح لا يجوز أن ينسب إليه الغلط في الألفاظ، وإنما يجوز غلطه في ما يتعلق بالمعنى، يقال: غلط في منطقه غلطًا من باب فرح: إذا أخطأ وجه الصواب.

والوجه الثاني: أنَّ هذه الزيادة لو كانت لصاحب "القاموس"، لبيّن وجوه الأغلاط إجمالًا، أو أحال بيانها على كتاب كما هو المعتاد في إطلاق مثله عند العلماء،

<<  <  ج: ص:  >  >>