للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستلقى عليك الخنفساء إذا فستْ ... عليك من الشعر الذي أنت حاذرهْ

وتأتي ابن زبِ الخنفساء قصيدةٌ ... تكون له مني عذابًا يباشرُهْ

والسبب في هذا ما حكاه صاحب "الأغاني" أن الفرزدق هجا خالد بن عبد الله القسري، وذكر المبارك النهر الذي حفره بواسط، فبلغه ذلك، فكتب خالد إلى مالك ابن المنذر أن احبس الفرزدق، فإنه هجا نهر أمير المؤمنين بقوله:

أهلكتْ مال الله في غير حقهِ ... على النهرِ المشؤومِ غير المباركِ

فأرسل مالك إلى أيوب بن عيسى الضبي فقال: ائتني بالفرزدق، فلم يزل يعمل فيه حتى أخذه، فلما قيل لمالك، هذا الفرزدق، انتفخ وريده غضبًا، فلما أُدخِلَ عليه قال:

أقول لنفسي حين غصت بريقِها ... ألا ليت شعري ما لها عندَ مالكِ

لها عنده أن يرجع الله روحهُ ... إليها ونتجو من عَظِيمِ المهالكِ

فسكت مالك وأمر به إلى السِّجن، فهجا أيوب بن عيسى بتلك القصيدة، ثمَّ مدح خالد القسري ومالك بن المنذر، فلما لم ينفعه مدحهما مدح هشامًا، واعتذر إليه:

ألكني إلى راعي البرية والذي ... له العدلُ في الأرضِ العريضةِ نورًا

إذا قال غاوٍ من معدّ قصيدةً ... بها جربٌ كانت وبالًا مدمرًا

أينظمها غيري وأرمى بجرمِهَا ... وكيف ألومُ الدهر أن يتغيرَا

لئن صبرتْ نفسي لقد أُمرتْ بهِ ... وخيرُ عباد الله من كان أصْبرَأ

وكنت ابن أحذار ولو كنت خائفًا ... لكنت من العصماءِ في الطّودِ أحذرا

ولكن أتوني آمنًا لا أخافُهُمْ ... نهارًا وكان اللهُ ما شاء قدَّرا

ثمّ إنه مدحه بقصيدة، وأشخص بها ابنه إلى هشام، فأعانته القيسية،

<<  <  ج: ص:  >  >>