للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زنجي، وجاز الوجهات كما يجوز في باب الابتداء حذف الاسم مرة، وحذف الخبر مرة، ومثله في الحذف: وما كنت ضفاطًا ... فالنصب أجود، لأنه لو أراد إضمارًا لخفف، ولجعل المضمر مبتدأ، ورفعه على قوله: ولكن زنجي والضفاط: الذي يحمل طعامه إلى مكان فيبيعه. وأخبرنا ابن دريد أن الضفاف لِعابُ الدفِّ. انتهى.

وقال أبو علي في تعليقته على "الكتاب": قوله: وزعم الخليل أن هذا يشبه قول الفرزدق، قال أبو علي: فيشبهه في أن الإضمار مراد في لكنّ، كما أنه مراد في "كأن ثدياه" إلا أن النصب بعد لكنّ أحسن، والرفع في "كأن ظبية" و"كأن ثدياه" أحسن، لأنهم جعلوا حذف أن وتخفيفها علامة لحذف الإظهار، وحذف الضمير من إن وكأن حسن عنده، لأن تحفيفهما يدل على الإضمار، فيهما إذا لم يخففا إلا على هذه الشريطة، فكأنَّ المحذوف مثبت لوجود ما يدل عليه، وليس هذا في لكنّ وإنّ. انتهى.

والبيت من قصيدة للفرزدق في هجو رجل من ضبة نفاه عن ضبة، ونسبه إلى الزنج، وأما القرابة التي بينه وبينه فهي أن الفرزدق من تميم بن مُرّ بن أُدّ بن طانجة وضبة هو ابن أدّ بن طانجة، والمشافر: جمع مشفر، بكسر الميم، وهي شفة البعير، واستعيرت هما لذلك الرجل لما قصده من بشاعة خلقته، وقافية البيت هكذا اشتهرت عند النحويين، وصوابه:

ولكنّ زنجيٌ غليظٌ مشافرُهْ

وهو من قصيدة هجا بها أيوب بن عيسى الضبي، وبعده:

متت له بالرحم بيني وبينهُ ... فألفيته مني بعيدًا أواصرهُ

وقلتُ امرؤ من آل ضبة فاعتزِي ... لغيرهم لون استه ومحاجرُهْ

فسوف يرى النوبي ما اكتدحت له ... يداهُ إذا ما الشعرُ عنت نواقرُهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>