والتقدير: ولكنه أنت زنجيٌ، وفيه أن خبر ضمير الشأن لا بدّ من التصريح بذكر جزئي الجملة، قال سيبويه في باب الحروف الخمسة: وروى الخليل أن ناسًا يقولون: إن ربك زيد مأخوذ، فقال: هذا على قوله: إنه ربك زيدٌ مأخوذٌ، وشبَّههُ بما يجوز في الشعر نحو قوله:
لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار، وزعم الخليل أن هذا يشبه قول الفرزدق: فلو كنت ضبيًّا ... البيت.
والنصب أكثر في كلام العرب، كأنه قال: ولكن زنجيًا عظيم المشافر لا يعرف قرابي، ولكنه أضمر هذا كما يضمر ما بني على الابتداء، نحو قوله تعالى:(طاعة وقولٌ معروفٌ)[محمد/٢١] أي: طاعة وقول معروف أمثل، وقال الشاعر:
فما كنت ضفاطًا ولكن طالبًا ... أناخ قليلًا فوق ظهرِ سبيلٍ
أي: ولكن طالبًا منيخًا أنا، فالنصب أجود، لأنه لو أراد إضمارًا لخفف، ولجع المضمر مبتدأ، كقولك: ما أنت صالحًا، ولكن طالح، ورفعه على قوله: ولكن زنجيّ. انتهى كلام سيبويه. قال السيرافي: من نصب حذف الخبر، وهو لا يعرف قربني، وإنما صار النصب أكثر وأولى، لأنّ إظهار ما هو الأصل المبني عليه أولى إذا حُذف المفهوم، ومن رفع، حذف الاسم، ويكون تقديره: ولكنك