نقيض الميّت، ورجحاه لعمومه، وقال ابن جنيّ: احتمل الضمير في أمروا إنَّ يعود على كلّ، وإنَّ شئت على حيّ: لانه هنا جماعة. انتهى. ولم يتعرض لقوله: وارد الخوض، فإن كان جمعًا على ما هو الرواية، فهو مخالف لما قلناه من التزام الأفراد في خبر كلّ رجل، وإنَّ كان مفردًا فلا مخالفة، ويكون أمروا كبيت عنوة: لانه جملة أخرى. وأمّا قوله: الَّذي وردوا: فضمير الجمع فيه يعود على إخوتها المذكورة في أول القصيدة في قولها: إخوتي لا تبعدوا أبدًا، فلا إشكال في جمعه على كلّ حال، بل ذلك متعين إنَّ يكون في وردوا لإخوتها، إذ لو كان لكلّ حيّ لم يفد، بل يفسد المعنى؛ لانه يصير المعنى: انهم يودون الَّذي وردوه، وهذا فاسد، وليس المراد من مراعاة المعنى إنَّ يود جمعًا، والَّذي أضيفت إليه كلّ مفرد لما قدمنا من الشواهد، ولأنَّ المعنى كلّ مرتبة دلذَ المضاف اليه عليها من إفراد أو تثنية أو جمع، وليس المجموع معنى كلّ إلاَّ إذا كان معنى اللفظة التي أضيفت إليه بإنَّ تكون جمعًا أو اسم جمع، كقوله تمالى:{كلّ حزب بمل لديهم فرحون}[الروم/٣٢] ففرحون جمع؛ لأنَّ مدلول حزب الَّذي هو فرد من إلاَّفراد التي دخلت عليها كلّ، وليس المراد جميع ما أفادته كلّ، وقوله تعالى:{وهمت كلّ أمة برسولهم}[غافر/٥] وقرى شاذًا: (برسولها) الأول لمعنى أمة، والثاني للفظها، وقد روعي لفظ إلاَّمّة ومعناها في قوله تعالى:{من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون}[آل عمرإنَّ/١١٣] فإنَّ قلت: كيف روعي في أمّة اللفظ، ولم يراع في قوم ونحوه إلاَّ ضرورة؟ قلت: لعله لأنَّ أمة تصلح للواحد، فأشبهت من وما، وقوم لا يطلق إلاَّ على الحمع. إلى هنا كلّام السبكي.
وهذا الشعر أورده أبو تمام في باب المراني لفاطمة بذت إلاَّججم الحزاعية هكذا: