للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت الأول، لاحتمال أن تكون "إلى" فيه للمعية، كما قاله جماعة كثيرة، أو متعلقة بمحذوف إن لم نقل بذلك، أي: مع بدا، أو مضمومًا إلى بدا. والبيت الثاني لا يدل على إرادة الترتيب في الأول إذ حلولها بأحد المكانين بعد حلولها بالآخر، لا يقتضي أنَّ المكان الأوَّل حبَّب إليه أولًا بسبب حلولها فيه، وأنَّ الثاني حبّب إليه بعد ذلك لحلولها فيه، إذ من الجائز أن يكون حبّ المكانين حصل له في آن واحد بعد حلولها فيهما على الترتيب، ثمَّ ولو سلّم دلالة البيت الثاني على الترتيب في الأول، لم يدل على دعواه؛ لأنَّ الترتيب الواقع في الثاني إنما هو بـ"ثمَّ" لا بالفاء. وفي بعض النسخ: "حلّة بعد حلّة" انتهى.

ويؤيّده صنيع المحقق الرّضي قال في "إلى" التي بمعنى "مع": التحقيق أنها بمعنى الانتهاء، أي: مضافًا إلى بدا، وذكر المتعلق لإفادة أنّ إلى مع مجرورها واقعة موقع الحال من شغب، ولإفادة أنَّ الغاية داخلة في المغيا. انتهى. وزعم الكوفيون أنَّ "إلى" هنا بمعنى مع، وأما إلى الثانية فهي متعلقة بحببت، قال الرّضي قيل: أنها بمعنى "عند" والأولى بقاؤها على أصلها، والبيتان لكثير عزة، أوردهما أبو تمام في "الحماسة" مع بيت بينهما، وهو:

إذا زرفت عيناي أعتل بالقذى ... وعزَّة لو يدري الطبيب قذاهما

وفي بعض النسخ:

وحلَّت بهذا حلَّةً ثمَّ أصبحت ... بهذا فطاب الخ ...

قال الإمام المرزوقي: خاطبها في البيت معتدًّا عليها بأنه كما آثرها على أهله وعشيرته، آثر بلادها على بلاده، فذكر طرفي محالِّها فقال: أحبُّ لك وفيك شغبًا إلى بدا، وبلادي بلاد غيرهما. ثمَّ أخبر عنها في البيت الثاني فقال: نزلت بهذا- يشير إلى شغب- نزلةً ثم أصبحت ببدا، ففاح الواديان وتضوَّعا بريّاها.

<<  <  ج: ص:  >  >>