المدح مصروف عنه إلي فتي العشي، كما قرره أبو علي، وإذا كان كذلك لا يصح ما ادعاه، ويتعين ما قاله أئمة اللغة، وليس المعنى علي ما قاله في البيت الثاني أيضاً، فإن قولنا: ما عدوت غيرها، مفهومه: بل وعدوتها، وهذا خلاف المقصود، وإنما المراد: ما عدوت عن قصدها وجهتها، بل كانت هي التمنى, ووقعت القافية في نسخ "المعني": الأحزاب، وهذا تحريف من الكتَّاب وإنما القافية فائية، والرواية هي: الأجراف، قال جامع "ديوان قيس بن الخطيم": هو موضع، وكذلك قال ياقوت في "معجم البلدان" وهو في الأصل جمع جرف، بضم الجيم وسكون الراء، وهو الموضع الذي تجرفته السيول وأكلته من الأرض، قال أبو عبيد البكري في "معجم ما استعجم": الأجراف كأنه جمع جرف، وهي منازل بني مرة بن عباد بن قيس بن ثعلبة، وتسمى القاعة أيضاً، بالقاف والعين المهملة.
وليس في أول البيت فاء ولا واو، وإنما الرواية بدونهما علي الخرم. وهو أول بيت من أبيات ثماينة لقيس بن الخطيم، قال صاحب "مقاتل الفرسان": قال الأثرم: أنشد أبو عبيدة هذه القصيدة لقيس بن الخطيم، وقال: كان رجل من عبد القيس قتل أباه الخطيم، فرآه قيس بسوق عكاظ، فأتى حذيفة ابن بدر فقال: أجرني حتى أقتل هذا العبدي، فإنه قاتل أبي، فأبى ذاك عليه، فأتى خداش بن زهير العامري، فاستجاره فأجاره، فشدَّ على العبدي فقلته. انتهى.