وقيس بن الخطيم، وعامر بن الطفيل ماتا علي دين الجاهلية، ورأيت في "الأغاني" أنها أول قصيدة لرجل من بني الحارث بن الخروج من الأنصار رثى بها ربيعة بن مكدّم الجاهلي أحد فرسان مضر المعدودين وشجعانهم المشهورين، وبعده:
مأوى الضَّريك إذا الرِّياح تناوحت ... ضخم الدسيعة مخلفٍ متلاف
من لا يزال يكبُّ كلَّ ثقيلةٍ ... كوماء غير محارد منزاف
رحب المباءة والجناب موطا ... مأزى لكل معتَّقِ مسواف
فسقي الغوادي قبرك ابن مكدَّمٍ ... من صوب كل مجلجلٍ وكّاف
وبعد هذا أبيات أخر، والضريك، بالضاد المعجمة: الفقير السيئ الحال، وقوله: إذا الرياح تناوحت، أي: تقابلت، وأراد زمن الشتاء، والسيعة: العطية، والكوماء: العظيمة السنام، والمباءة: المنزل، والموطأ: السهل الجانب، والمعتق: المعضض، والمسواف: الذي وقع في ماله السواف، كسحاب, وهو موت الإبل، والغوادي: جمع غادية، وهي سحابة النهار. وابن مكدَّم: منادي، والصوب: المطر، وسحاب مجلجل، بجمين: له صوت الرعد، والو كَّاف: الماطر، من وكف إذا قطر.
وقيس بن الخطيم، بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء المهملة: شاعر فارس أنصاري، ذكر أهل المغازي أنه قدم. سكة، فدعاه النبي، صلي الله عليه إلي الإسلام، وتلا عليه القرآن، فقال: إني لأسمع كلاماً عجيباً، فدعني أنظر في أمري هذه السنة، ثم أعود إليكـ فمات قبل الحول، وهو من الأوس، وله في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار، كثيرة وقد بسطا ترجمته في الشاهد الخامس بعد الخمسمائة من شواهد الرضي.