أدخلوا الهاء في تصغير قدام ووراء، وإن كانتا قد جاوزتا ثلاثة أحرف، لأن باب الظروف التذكير، فلما شذتا في بابها فرقوا بينهما وبين غيرهما فأدخلوا فيها علامة التأنيث، قال اللخمي. وقديديمة: منصوبة على الظرف، والعامل فيها: راقهنَّ ورقنة.
وقوله: أرى غفلات .. إلخ، يقول: إنما يستلذ بالعيش أيام الغفلة وفي أيام الشباب قبل التجارب، والتجارب إنما هي في الكبر، وهو وقت أن يزهد فيهن لسنة وتجريبه، وأن يزهدن فيه لشيبه. وقد يحتمل أن يكون العامل في قديديمة محذوفًا دلَّ عليه السياق، كأنه أراد: تظن طيب العيش ولذته قدام التجربة والحلم، أي: أمام ذلك ليس الأمر كذلك، إنما يطيب العيش ويحسن قبل التجارب، وفي عنفوان الشباب، وحين الغفلة، وأما بعد ذلك فلا، فيكون العامل فيها (تظن) المقدر، قال اللخمي أيضًا. وقوله: أنني، قال ابن السيد: يروى بكسر الهمزة على الاستئناف، وبفتحها، وهو مفعول من أجله، وقد تكون إن مكسورة وفيها معنى المفعول من أجله، كقول عز وجل:(ويصلى سعيرًا. إنَّه كان في أهلهِ مسرورًا)[الانشقاق/ ١٢] وجاز ذلك لأن (إن) داخلة على الجمل والجملة قد يكون فيها معنى العلة والسبب موجوداً كما قال تعالى: (وإنَّ هذه أمتَّكم أمًة واحدًة وأنا ربّكم فاتَّقون)[المؤمنون/ ٥٢] ألا ترى أن المعنى: ولأن هذه أمتكم، ولكوني ربكم فاتقون. انتهى. وقد أوردنا أكثر من هذه الأبيات في الشاهد الثاني عشر بعد الخمسمائة من شواهد الرضي.
والقطامي: اسمه عمير بن شييم التغلبي، وعمير: مصغر عمرو، وشييم: مصغر أشيم، وهو الذي به شامة، وله لقبان، أحدهما: صريع الغواني، وتقدم. وثانيهما: القطامي، منقول من اسم الصقر، لأن الصقر يقال له قطامي، بفتح القاف وضمها، والقطامي كان نصرانيًا فأسلم، وهو ابن أخت الأخطل النصراني