وحومل" ولا يكون فحومل، لأنك لا تقول: رأيتك بين زيد فعمرو، وهذا سمعه الزيادي من الأصمعي، فسألت ابن دريد عن الرواية، فحكى ما قال الأصمعي ولم يزد عليه، فسألت أبا بكر محمّد بن علي بن إسماعيل، فقلت: قال الأصمعي: لا يجوز أن تقول: رأيته بين زيد فعمرو، وكان ينكر "بين الدخول فحومل" فأملى عليَّ الجواب فقال: إنَّ لكل حرف من حروف العطف معنى؛ فالواو تجمع بين الشيئين، نحو: قام زيد وعمرو، فجائز أن يكونا كلاهما قاما في حالة واحدة، وأن يكون قام الأول بعد الثاني، وبالعكس، والفاء إنما هي دالَّة على أنّ الثاني بعد الأوّل، ولا مهلة بينهما. فقال الأصمعي، وكان ضعيفًا في النحو، غير أنه كان ذا فطنة: أطبقت الرواة على "بين الدخول وحومل". ولا يجوز فحومل، لأنه ليس يقصد بيان أن يكون الشيئان أحدهما بعد الآخر، ثم يكون الشيء بينهما، إنّما يريد أنهما لا يجتمعان، وهو بينهما، كما تقول: زيد بين الكوفة والبصرة، ولا تقول: فالبصرة، فقد أجاد فطنة. انتهى. واستدلّ الجرمي لقوله ببيت امرئ القيس، وبقول الحارث بن حلِّزة:
أوقدتها بين العقيق فشخصين ... بعودٍ كما يلوح الضياء
وبقول النَّابغة الذبياني:
عفا ذو حسى من فرتنا فالفوارع ... فجنبا أريك فالنِّلاع الدَّوافع
وبقول العرب: مطرنا ما بين زبالة فالثعلبية. ومعلوم أنَّ هذه الأماكن لم تعف على ترتيب، إذ الوقوف على أن يكون الآخر من الأماكن قد عفا عند انقضاء عفاء الأول من غير مهلة بينهما متعذر، وكذا قولهم: نزل المطر مكان كذا فمكان كذا، إنما نزل المطر بهذه الأماكن في حين واحد، والجواب عن ذلك أن يجعل الترتيب في