للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد علم الحيُّ اليمانون أننَّي ... إذا قلت أمَّا بعد أني خطيبها

أعيد "أني" لبعد العهد بأنني. وقوله: إن منفسًا، كذا رواه سيبويه بنصب منفس على أنه منصوب بفعل مضمر تقديره: إن أهلكت منفسًا، فأهلكته المذكور مفسّر للمحذوف، وهذه الجملة من باب الاشتغال لا تدخل في الجملة التفسيرية التي لا يحل لها من الإعراب، قال أو علي في "البغداديات": الفعل المحذوف والفعل المذكور في قوله: "لا تجزعي إن منفسًا أهلكته" مجزومان في التقدير، وإن انجزام الثاني ليس على البدلية، إذ لم يثبت حذف المبدل منه، بل على تكرير "إن" أي: إن أهلكت منفسًا إن أهلكته، وساغ إضمار "إن" وإن لم يجز إضمار لام الأمر إلاَّ ضرورة، لاتساعهم فيها بدليل إيلائهم إياها الاسم، ولأن تقدمها مقوّ للدلالة عليها. انتهى. ورواه الكوفيون "إن منفس" بالرفع، وأضمروا فعلًا رافعًا له، أي: إن هلك منفسٌ، أو أهلك. وقوله: وإذا هلكت، الواو عطفت هذه الجملة الشرطية على الشرطية التي قبلها، ولم أر من روى بالفاء بدل الواو إلاَّ العيني، وقال: الفاء عاطفة، ولا يخفي أن المعنى لا يقتضي الفاء، والجزع، قيل: الحزن، وقيل: الفزع، والفزع أخص من الخوف، وهو انقباض يعتري الإنسان، ونفار من كل شيء مخيف، وهو من جنس الجزع. والمنفس: اسم فاعل، قال في "القاموس": وشيء نفيس ومنفوس ومنفس بالضم: يتنافس فيه ويرغب، يقول: لا تجزعي من إنفاقي النفائس ما دمت حيًّا، فإني أحصّل أمثالها وأخلفها عليك، ولكن اجزعي إن مت، فإنك لا تجدين خلفًا مني.

والبيت من قصيدة النمر بن تولب الصحابي، وقد أوردناها وشرحناها في الشاهد السادس والأربعين من شواهد الرضي، وتقدمت ترجمة النمر بن تولب في الإنشاد الواحد والثمانين.

<<  <  ج: ص:  >  >>