للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمستقبل, فكيف قال: من قبل؟ ونحن لا نجيز في الكلام: أنا أضربك أمس, وذلك جائز إذا أردت بتفعلون الماضي, ألا ترى أنك تعنف الرجل بما سلف من فعله, فتقول: ويحك لم تكذب؟ لم تبغض نفسك إلى الناس؟ ! ومثله قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشيطان على ملك سليمان} [البقرة/١٠٢] ولم يقل: ما نلت [الشياطين] وذلك عربي كثير في الكلام, أنشدني بعض العرب:

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ... ولم تجدي من أن تقري بها بدا

فالجزاء للمستقبل, والولادة [كلها] قد مضت, وذلك أن المعنى معروف ومثله في الكلام: إذا نظرت في سيرة عمر لم يسئ, المعنى: لم تجده أساء, فلما كان أمر عمر لا يشك في مضيه, لم يقع في الوهم أنه مستقبل, فلذلك صلحت (من قبل) مع قوله: (فلم تقتلون) وليس الذين خوطبوا بالقتل هم القتلة, إنما قتل الأنبياء أسلافهم الذين مضوا, فتولوهم على ذلك ورضوا به, فنسب القتل إليهم. انتهى كلامه, ونقلنا كلامه برمته تبركًا به.

والبيت ثاني بيتين لزائد بن صعصعة الفقعسي, وكانت له امرأة طمحت عليه وأمها سرية, وأولهما:

رمتني عن قوس العدو وباعدت ... عبيدة زاد الله ما بيننا بعدا

قوله: رمتني عن قوس العدو, يريد: قذفتني بما يحبه أعدائي, وهو كناية عن قول السوء, وعبيدة بالتصغير: زوجته وكانت تبغضه, والطامخ من النساء: التي تبغض زوجها وتنظر إلى غيره, وما: مفعول أول لزاد, عبارة عن البعد الحاصل من مباعدتها, وبعدًا: المفعول الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>