ورأيت في "طبقات النحاة" لأبي بكر محمّد الشهير بالتاريخي عند ترجمة يونس ابن حبيب أنّ يونس قال: كان عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فصيحًا، وهو الذي يقول:
إذا أنت لم تنفع فصرّ فإنما ... يرجَّى الفتى كيما يضرَّ وينفعا
انتهى. فعلى هذه الرّواية ما زائدة، ويضر منصوب بكي، واللام مقدرة، وأنت فاعل لفعل محذوف يفسّره المذكور، أي: إذا لم تنفع الصديق فضرّ العدوّ، وإنما قدّر لكلّ فعل مفعول؛ لأنَّ العاقل لا يأمر بالضرّ مطلقًا، وحسن المقابلة اقتضى تعيين الأول. ويرجّى بتشديد الجيم المفتوحة، أي: إنما يرتجى الفتى لضرر من يستحق الضرّ، ونفع من يستحق النّفع، وقيل: يمكن حمل البيت على أنَّ المراد الحثّ على النّفع بالأمر بالضرر، لا على أنه مراد، ولا يقدر للفعل متعلق بملاحظة أنَّ الإنسان إنما يقصد ويكثر رجاؤه لوصف فيه لا لذاته. وروي "يراد" بدل يرجّى.
وقال العيني: البيت للنابغة [الذبياني، وقيل: ] الجعدي، والأصحّ أن قائله قيس بن لاخطيم، ذكره البحتري في "حماسته" انتهى.
وأنشده الإمام الباقلاني في كتاب "إعجاز القرآن" بنصب يضر وينفع، ونسبه إلى قيس بن الخطيم، وقد فتشته في ديوانه، وفي ديوان النّابغة الذبياني، فلم أجده فيهما، والله أعلم.