للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل كلّام والده إلاَّتي في اتحاد معنى رفع كلّ ونصبها في قوله: كلّه لم أصنع، وليس قياسه عليه بصحيّح، فإنَّ والده حقق إنَّ كلًّا إذا تقدَّمت على النفي، سواء كانت مرفوعة بإلاَّبتداء، أو منصوبة بالفعل المنفي، يكون معنى الكلّام عموم السلب، وبيت المتنبى ليس مثله، فإنَّ كلًّا فيه متأخرة عن النفي، رفعت أو نصبت. وأعلم انه قال: واختلف في سبب سلبه العموم في تقدَّم النفي على كلّ، فقيل: سببه إنَّ النفي متوجه إلى الشمول دون أصل الفعل، وفيما تقدَّم على النفي متوجه إلى أصل الفعل، وهذا غير واضح، وقيل: سببه إنَّ قولنا: لم يقم إنسان، نفي القيام عن جملة الأفراد، أعني كلّ واحد منها؛ لأنَّ النكرة في سياق النفي لعموم، فإذا قلت: لم يقم كلّ إنسان، وأردت هذا المعنى أيضًا، كان دخول "كلّ" تأكيدًا، والتأسيس أولى من التأكيد. وقد يجاب بأن المحكوم بعدم قيامه في "لم يقم إنسان" ومطلق ألإنسان، ويلزم منه انتفاء قيام كلّ فرد، وهو معنى قولنا: النكرة في النفي للعموم، والمحكوم بعدم قيامه في لم يقم كلّ إنسان، إذا كأن كلّ فرد غير المطلق، فتغايرا، ولم يفد أحدهما بالوضع معنى الأخر، وإنَّ استلزمه فلا يكون تأكيدًا، وأيضًا فإنه منتقض بقولنا: ما إنسان إلاَّ قائم، فانه عأم في كلّ إنسان، ثمَّ نقول: ما كلّ إنسان إلاَّ قائم، فيبقى هذا العموم بحاله كما استقرؤوه في فصل إنَّتقاض النفي بإلاَّ، ولكني أوفقهم في الصور المتقدَّمة. وإذا لم يتقض النفي إلاَّ وما في معناها كان الأمر كا قالوه من جهة عدم العموم، وانه إنَّما يفيد سلب العموم لا عموم السلب، لكن بغير الطريقين اللذين حكيناهما، بل بطريق آخر يتوقف على تقديم مقدمة، وهي إنَّ قولنا: زيد قائم، حكم على زيد بالقيام، ويسمى موجبة محصلة، وقولنا: زيد غير قائم، أو هو ليس بقائم، حكم عليه بعدم القيام، وتسمى موجبة معدولة، ويشترط في هذين القسمين

<<  <  ج: ص:  >  >>