للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو زيد: ((ما بال لومكما إذ جئت تعتلها)) بالخطاب لجرير، وزوجته أمها، واللوم: التعنيف، وروى المبرد في كتاب ((الاعتنان)): ((ما بال لومكما)) بضمير عضيدة، وقوله: حتى اقتحمت بها، أي: أدخلتا عتبة بابك، وقوله: كلّاهما، ضمير المثنى لعضيدة وزوجها. وزعم العيني وغيره أنَّ الضمير للفرسين، وقال السيوطي: فيه التفات والأصل: كلّاكما، ورد عليه ابن الملأَّ بانه يأباه قول الشارحيّن: إنَّ البيت في وصف فرسين تجاريًا، وهذا كما ترى لا أصل له، وكأنهم فهموه من ظاهر البيت، ولم يقفوا على منشأ الشعر. وقوله: جد الجري: إذا اشتد العدو، وفيه إسناد مجازي، والأصل: جدا في جريهما. وقوله: قد أقلعا، يقال: أقلع عن الأمر إقلاعًا: إذا تركه، والصلة هنا محذوفة، أي: أقلعا عن الجري، وقوله: رابي، اسم فاعل من ربا يربو ربوًا، وهو النفس العالي المتتابع، وهذا تمثيل وتشبيه، يقول: إنَّ بنت جرير وزوجها افترقا حيّن وقعت إلاَّلفة بينهما، ولم يمضيا على حالها، فهما كفرسين جدّا في الجري، ووقفا قبل الوصول إلى الغاية.

وقوله: يابن المراغة، قال الصاغاني في ((العباب)): وأمّا قول الفرزدق لجرير: ((يابن المراغة))، فإنَّما يعيره ببني كلّيب؛ لانهم أصحاب حمير، وقال الغوري: لأنَّ أمّه ولدته في مراغة الأبل، وهو موضع تمرغ الدّابة. وقال ابن عباد: المراغة: الإتيان لا تمنع الفحول، وبذلك هجا الفرزدق جريرًا قال: وقيل: هي مشرب الناقة التي أرسلها جرير، فجعل لها قسمًا من الماء، ولأهل الماء قسمًا. وقال بعضهم: المراغة: أم جرير، لقبها به إلاَّخطل حيّث يقول:

وابن المّرّاغة حابس أعياره ... قذف الغربية ما تذوق بلالًا

أراد أنَّ أمة كانت مراغة للرجال. انتهى. وقوله: جهلًا حيّن تجعلها .. الخ، يريد انه جهلت في تزويج بنتك لغير أهل الإبل.

ولهذا الشعر تتمة أوردناها مع شرحها في الشاهد الواحد والسبعين بعد المائة من شواهد الرضي. وترجمة الفرزدق تقدَّمت في الإنشاد الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>