للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريش، وكان عليلاً، فقلنا: كيف تجدك يا ابا صخر؟ قال: بخير، هل سمعتم الناس يقولون شيئًا؟ وكان يتشيع، فقلنا: نعم، يتحدثون أنك الدجال، قال: والله لئن قلت ذاك، إني لأجد ضعفًا في عيني هذه منذ أيام! انتهى. وقال المرزباني في (الموشح): أخبرنا عبد الله بن بيان قال: قال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال: كانت عقيلة بنت عقيل بن أبي طالب تجلس للناس، فبينا هي جالسة إذ قيل لها:

العذري بالباب، فقالت: ائذنوا له، فدخل فقالت له: أنت القائل:

فلو تركت عقلي معي ما بكيتها ... ولكن طلابيها لما فات من عقلي

إنما تطلبها عند ذهاب عقلك! لولا أبيات بلغتني عنك ما أذنت لك، وهي:

علقت الهوى منها وليدًا فلم يزل ... إلى اليوم ينمى حبها ويزيد

فلا أنا مرجوع بما جئت طالبًا ... ولا حبُّها فيما يبيد يبيد

يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعود

ثم قيل: هذا كثير بالباب، فقالت: ائذنوا له، ثمَّ أقبلت عليه فقالت: أما أنت يا كثير فألأم العرب عهدًا في قولك:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثَّل لي ليلى بكل سبيل

ولم تريد أن تنسى ذكرها؟ ! أما تطلبها إلاَّ إذا مثلت لك؟ ! أما والله لولا بيتان قلتهما ما التفت إليك، وهما قولك:

فيا حبَّها زدني جوى كلَّ ليلةٍ ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

عجبت لسعي الدَّهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدَّهر

انتهى. وقال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) قال بعض الناس: إن كان كثيّر يحبها فلماذا يريد أن ينسى ذكرها؟ ! هلاَّ قال كما قال مجنون بني عامر:

<<  <  ج: ص:  >  >>