على أنَّ الجيد أن يقدر قوله:"لها" مؤخرًا عن قوله: "سبلًا" وكان صفة لها، فلما قدم عليها صار حالًا منها، وهذا تخريج ابن الشجري قال في "أماليه": هذا البيت مأخوذ من قول أبي تمام:
لو حار مرتاد المنيَّة لم يجد ... إلاَّ الفراق على النُّفوس دليلا
والأحباب: جمع حبّ، كعدل وأعدال، ومثله في الوصف نقض وأنقاض، ولا ينبغي أن يكون جمع حبيب، كشريف وأشرف، ويتيم وأيتام لأمرين، أحدهما: أنَّ الأوَّل أقيس وأكثر، والثاني: أنَّ يتيمًا وشريفًا من باب فعيل الذي بمعني فاعل، وحبيبًا من باب فعيل بمعنى مفعول، فأصله محبوب، كما أنَّ قتيلًا أصله مقتول، فقد افترقا، والمصدر الذي هو مفارقة مضاف إلى فاعله، وليس بمضاف إلى مفعوله، كإضافة السؤال في قوله تعالى:{لقد ظلمك بسؤال نعجتك}] ص/٢٤ [ولا يحسن أن يقدر: لولا مفارقة المحبين الأحباب، وإن كان ذلك جائزًا من طريق الإعراب، لأنَّ المحب لا يوصف بمفارقة محبوبه، وإيجاد سبيل للمنية إلى روحه، وإنما هو مفارَق، أي: بفتح الراء، لا مفارِق.
وقوله: لها، من الحشو الذي لا فائدة فيه، لأنَّ المعنى غير محتاج إليه، فهو من الزيادات الموضوعة لإقامة الوزن. وقد حمل عدم الفائدة به بعض أدباء المغرب على أن جعله جمع لهاة، على حدّ حصاةٍ وحصًا، وأضافه إلى المنايا، ورفعه بإسناد "وجدت" إليه، فاستعار للمنايا لهوات، على معنى أنها كشيءٍ يبتلع الناس، والمراد أفواه المنايا، ولكنه استعمل اللها في موضع الأفواه، لمجاورة اللهاة للفم، وهذا قول محتمل لو كان مرادًا للشاعر، وهو لعمر الله يشبه طريقته في الاستعارات. وإذا لم يكن مرادًا له حملت "لها" على ما تريده العرب مبالغة في التبيين، وإن كان الكلام مستغنيًا عنه كقولك: ما وجدت لي إليك طريقًا، فقولك: