للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدفع. كأنَّ هذا الضيف لما قاسى من شدة البرد، ضعفت روحه، فصارت ريح القرِّ تدفع روحه من جثته لتخرجها منه. وقوله: فطرت .. الخ، هذه الجملة المعطوفة على جواب ربّ المحذوف، أي: تلقيته بإكرام فطرت، والمنصل، بضم الميم والصاد: السيف، واليعملة، بفتح أوله وثانيه: الناقة القوية على العمل، وخفاف: جمع خفيفة، وروي: "دوامي الأيدي" دميت أيديها من شدة السير، ووطئها على الحجارة، ويخبطن السريحا، أي: يطأن بأخفافهن الأرض، وفي الأخفاف السريح، وهي خرق تلفّ بها أيدي الإبل إذا دميت وأصابها وجع، واحدتها سريحة.

وقوله: بمنصلي، في موضع الحال من التاء، أي: أسرعت ومعي سيفي، وأقبلت على اليعملات فعرقبت ناقة منها، وأطعمت لحمها لضيفي، يريد أنه نحر لضيفه راحلة من رواحله وهو مسافر مع احتياجه إليهن.

وقوله: فعض، فاعله ضنير المنصل، والدوسرة: الناقة الضخمة، والجمل دوسر، وجملة "عليها عتيق النيّ" صفة لدوسرة، والنيُّ، بفتخ النون: الشحم، والعتيق: القديم، يريد أنها كانت سمينة، وفاعل تحضر ضمير الدوسر، ولقوحا: حال، وهي الحلوب، أي: لم تكن قريبة العهد بالنتاج فتجون ضعيفة.

وقوله: بنزع أصوله، الباء سببية، والضنير راجع إلى الحطب المفهون من حاطبي، واجذر: افتعل من الجز، وهو القطع، وأصله في الصوف، يقول: لا تقلع أصول الحطب وعروقه، واجتف بقطع الشيح، فهو أسهل وأسرع. وروى علماء التصريف هذا البيت كذا:

فقلت لصاحبي لا تحبسانا ... بنزع أصوله واجدزَّ شيحا

وبسطنا الكلام عليه في شرح الشاهد الثالث والثلاثين بعد المائتين من شواهد "شرح الشافية" للرضى.

وقوله: لقد أليحا، مجهول ألحت الشيء بالنار، أي: أحميته، ويقال أيضًا: لوّحته، والمدامة: الخمر، وأجودها عندهم خمر أذرعات، وهي من قرى الشام،

<<  <  ج: ص:  >  >>