للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ "لا" فيه نافية للجنس، واسمها منصوب، لكونه مضافًا. وروي بالرفع؛ فلا تكون من هذا الباب، كما يأتي. وهذا الفصل لخّصه المصنّف من المجلس السّابع والسّتين من "أمالي ابن الشجري"، كأنه أورد بحث "لا" فقال: فإن وليها المضاف أو الطّويل، وهو الذي يعمل فيما بعده نصبًا أو رفعًا، فالفتحة نصب صريح؛ لأنَّ التركيب لا يكون فيما جاوز جزءين. فمثال المضاف: "لا طالب حق في الدّار".

ومنه قول المتنبي:

فلا ثوب مجدٍ غير ثوب ابن أحمد .. البيت

إلى أن قال: فالفتحة [في قولك]: "لا صاحب حقّ" وفي [قوله] "فلا ثوب مجد" نصب صريح. انتهى.

والبيت من قصيدة للمتنبي، قالها في صباه مدح بها عليّ بن أحمد الطّائي مطلعها:

حشاشة نفسٍ ودَّعت يوم ودَّعوا ... فلم أدر أيَّ الظَّاعنين أشيِّع

أشاروا بتسليم فجدنا بأنفسٍ ... تسيل من الآماق والسُّمُّ أدمع

حشاي على جمرٍ ذكيٍّ من الهوى ... وعيناي في روضٍ من الحسن ترتع

إلى أن قال:

فيا ليلةً ما كان أطول بثَّها وسمُّ الأفاعي عذب ما أتجرَّع

تذلَّل لها واخضع على القرب والنَّوى ... فما عاشقٌ من لا يذلُّ ويخضع

ولا ثوب مجدٍ غير ثوب ابن أحمد .. البيت.

انتقل من النسيب إلى المدح من غير مناسبة على طريق الاقتضاب، وهي طريقة للعرب قديمة. قال الواحد: يقول: لم يخلص المجد لغيره، وإنما خلص له، ومجد غيره مشوب باللؤم، ومجده خالص من الذم والعيب، ومن روى: "فلا ثوب" بالرَّفع، فلأنه عطف على قوله: "فما عاشق انتهى".

والظّاهر أنها حينئذ تكون عاملة عمل ليس، ويكون خبرها متعلَّقّ "على أحد" تقديره "موجودًا على أحد" و"غير" في الوجهين منصوبة على الاستثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>