أقوال: كون "لا" زائدة، وكونها اسمًا، والبخل بدل، وكونها اسمًا أيضًا، والبخل مفعول لأجله بتقدير مضاف وما قيل في الجرّ وجه واحد وهو كون "لا" اسمًا أريد به اللّفظ وهو مضاف، والبخل مضاف إليه. وروى الجرّ والنّصب أبو الحسن الأخفش سعيد بن مسعدة المجاشعي في كتاب "المعاياة" وهو من أبيات المعاني قال: أضاف "لا" إلى البخل أراد أبي جوده "لا" التي تكون للبخل. وقال بعضهم: لا البخلَ، جعلَ "لا" زائدة، ونفيت البخل ونفيت قاتله، لأنّه أراد: لا يمنع الفتى الجوع قاتله، وقاتل الجوع الخبز، وما يؤكل. انتهى. وكذا قال أبو علي في "الحجّة" عند قوله تعالى: (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)[الأنعام/ ١٠٩] قال: ومثل "لا" هذه هي أنها - تكون في تأويلٍ - زائدةٌ، وفي آخر غيرُ زائدة قول الشّاعر: أبى جُودُهُ .. البيت. ينشد: أبى جُودُهُ لا البخلَ، ولا البخلِ. فمن نصب البخل جعلها زائدة، كأنّه قال أبي جُودُهُ لا البخلَ، ولا البخلِ. فمن نصب البخل جعلها زائدة، كأنّه قال أبي جُودُه البخلَ، ومن قال: لا البخلِ، أضاف لا إلى البخل. انتهى. وقال أيضًا في "إيضاح الشّعر" وأنشدوا قول الشّاعر: أبى جُودُه .. البيت. على ضربين لا البخلَ ولا البخلِ بالنّصب والجرَ، والجرّ قول أبي عمرو فيما رواه يونس عنه، وجعلها مضافةً لأنّه قد تكون للجود والبخل، ألا ترى أنَه لو قال: امْنَعِ الحّقَّ. واحْرِمِ المساكينَ، فقال: لا، كان هذا جُودًا، فأما بقاؤها على حرفين، فميل: فَا زيدٍ، وذّا مال. انتهى.
وكذا رواه بالنّصب والجرّ ابن الشّجري في "أماليه"، قال: قد روي بنصب البخل وجرّه. فنصبه على أن تكون "لا" زائدة، وجرَه على إخراج "لا" من الحرفيّة إلى الاسميّة، وإضافتها إليه، لأنَّ "لا" تكون للبخل ولغير البخل، فأراد أنّه يمتنع من "لا" الّتي للبخل خاصّة. فمثال الّتي للبخل أن يقول له: هل تجود عليَّ بدرهم؟ فيقول: لا، ومثال التي لغير البخل أن يقول له: هل تمنعني عطاءك؟ فيقول: لا. انتهى. وكذا أورده بالوجهين ابن جني في "الخصائص" وذكر