للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خرج إلى النعمان، فجاء بمائتين من هجائنه، وأقبل إلى أبيه وقد وفي نذره الذي نذر، فبعث إليه قيس بن مسعود بابنته مع ولده بسطام بن قيس، فخرج لقيط يتلقاها في الطريق ومعه ابن عم له يقال له: قراد، فقال لقيط:

هاجتْ عليكَ ديارُ الحي أشجانا ... واستقبلوا منْ لوىَ الحيرانِ قرمانا

نامتْ فؤادكَ لو تقضي التي وعدتْ ... إحدىَ نساءِ بني ذهلِ بن شيبانا

فانظرْ قرادُ وما بي نظرةٍ فرحًا ... عرض الشقائقِ هلْ ينبنَ عقيانا

فيهنَّ جاريةٌ نضحُ العبير بها ... تكسىَ ترائبها دراٌ ومرجانا

كيفْ اهتديتَ ولا نجمٌ ولا علمٌ ... وكنتَ عندي نؤومَ الليل وسنانا

انتهى. قوله: هاجت علين، خطاب لنفسه، وهاجت: هيجت وحركت، وديار: فاعله، وأشجان: مفعوله جمع شجن، بفتحتين وهو الحزن، واللوى: ما التوى من الرمل، والحيران، بفتح المهملة: اسم جبل، وقرمان، بفتح القاف وسكون الراء المهملة بعدها ميم: وهو موضع، كذا في "معجم البكري"، وقوله: لو يحزنك ما صنعت. لو: شرطية، وجوابها محذوف يدل عليه تامت، وفؤادك مفعول تامت، وإحدى: فاعله إن أضمرنا في "صنعت" ضميره على سبيل التنازع، وما: فاعل يحزنك، والمعنى أنها لو أرادت حزنك بشيء مما تصنعه كتمنع من المجيء إليك لهيمتك، ولكنها قصدت سرورك، فجاءت إليك، والمعنى على روايه "لم يحزنك": هيمتك مع كونها لم تفعل شيئًا مما يحزنك، فكيف لو فعلت. وأورد الميداني هذا البيت للقيط المذكور في قولهم: "أتيم من المرقش" قال: يعنون المرقش الأصغر، وكان متيمًا بفاطمة بنت المنذر الملك، ثم قال: وأتيم: أفعل من المفعول يقال: تامة الحب وتيمىه، أي: عبده وذلله، قال لقيط:

تامتْ فؤادكَ لمْ يحزنكَ ما صنعتْ ... البيت.

وقوله: فانظر قراد، هو منادى بإضمار "يا" يقول لابن عمه: انظر عني،

<<  <  ج: ص:  >  >>