قال: قاتل الله هذا الغلام. ما رضي أن يجعله أعمى حتى يجعله بلا قائد.
وقال هارون الرشيد في ليلة بيتًا، ورام أن يشفعه بآخر، فامتنع القول عليه، فقال: علي بالعباس بن الأحنف، فلما طرق، فزع، وذعر أهله، فلما وقف بين يدي الرشيد قال: وجهت إليك ببيت قلته، ورمت أن أشفعه بمثله، فامتنع القول علي، فقال: يا أمير المؤمنين دعني حتى ترجع نفسي إلى، فإني قد تركت عيالي على حال من القلق عظيمة، ونالي من الخوف ما يتجاوز الحد، فانتظره هنيهة، ثم أنشد البيت:
جنانٌ قدْ رأيناها ... ولمْ نرَ مثلها بشرا
فقال العباس بن الأحنف:
يزيدكَ وجهها حسنًا ... إذا ما زدتهُ نظرا
فقال له الرشيد: زدني، فقال:
إذا ما الليلُ مالَ عليكَ بالإظلام واعتكرا
ودجَّ فما ترى قمرًا ... فأبرزها ترى قمرا
فقال الرشيد: قد ذعرناك، وأفزعنا عيالك، فأقل الواجب أن نعطيك ديتك، وأمر له بعشرة آلاف درهم وصرفه.