ومن قال: لعل أبي المغوار حذف لام لعل، وأضمر القصة أو الحديث وكسر اللام مع المظهر على اللغة التي هي أشيع، والتقدير: لعل لأبي المغوار منك جواب قريب، أي: لعل نصره لا يبعد عليك، ولا يتأخر عنك، وإن قلت: إنه حذف اللام لاجتماع اللامين كما حذفت من (أنَّا معكمْ) ونحو ذلك، كان قولًا. انتهى كلامه.
وقد جاء من رواية أخرى: لعل أبا المغوار على الأصل، وقد أوردنا ما يتعلق بهذه المسألة نقلًا وبحثًا، وأطنبنا فيها في الشاهد السابع والسبعين بعد الثمانمائة، والبيت من قصيدة طويلة لكعب بن سعد الغنوي رثى بها أخاه أبا المغوار أوردنا غالبها هناك، وهي بتمامها مذكورة في "أمالي القالي" وفي "منتهى الطلب"، وبعضهم يرويها لسهم الغنوي وهو من قومه، وليس بأخيه، وقبل البيت:
يُجِبْكَ كما قدْ كان بفعلُ إنهُ ... مُجيبٌ لأبوابِ العَلاء طَلُوبُ
قوله: وداع، الواو واو ربّ، والنَّدى بالكسر: الصوت، وأصله المد، فقصر للضرورة، ويجوز أن يكون بالفتح، والقصر بمعنى الجود. وقوله: فلم يستجبه أورده صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى: (فاستجابَ لهمْ ربُّهمْ)[آل عمران/ ١٩٥]، على أنَّ الاستجابة تارة تتعدى بنفسها كما في البيت، وتارة باللام كما في الآية، وهو أكثر شيوعًا، هذا في التعدية إلى الداعي، وأما إذا عُذي إلى الدَعاء، فبدون اللام أكثر شيوعًا نحو: استجاب الله دعاه، ولهذا قال في سورة القصص: هذا البيت فيه حذف مضاف، أي: لم يستجب دعاءه، وقوله: لعل أبي المغوار هذا الترجي ناشيء من شدة ذهوله من عظم مصابه بأخيه.
وكعب بن سعد الغنوي شاعر إسلامي ذكرنا ترجمته في الشاهد الثاني والسبعين بعد الستمائة من شواهد الرضي.