للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أآثرت هدما باليًا وسويةً ... وجئت بها تعدو بريدًا مقزَّعًا

فلا تفرحن يومًا بنفسك إنّني ... أرى الموتَ وقاعًا على من تشجعا

لعلك يومًا أن تلِم ملمةٌ ... عليك من اللائي يدعنك أجدعا

نعيت أمرًا لو كان لحمك عنده ... لآواهُ مجموعًا له أو ممزَّعا

فلا يهنئ الواشين مقتل مالك ... فقد آب شانيه إيابًا فودعا

قوله: ألم تأت أخبار المحل إلى آخره، هو بضم الميم، وكسر الحاء المهملة: رجل من بني ثعلبة مرّ بمالك مقتولًا فنعاه كأنه شامت به، فذّمه متمم، وقال ابن الأنباري في شرحه: المحل بن قدامة مرّ بمالك، فلو يُواره.

والسراة: الأشراف، وقوله: بمشمته متعلق بموجعًا، وهو مصدر شمت به شماتة ومشمتًا، ومشهده معطوف على مشمته، والضمائر كلها للمحل.

وقوله: أآثرت: استفهام توبيخي، والخطاب للمحل، والهدم بالكسر: الثوب الخلق، والبالي: الفاني، والسَوِّية بفتح فكسر: كساء محشو بثمام ونحوه يجعل على ظهر الإبل كالحلقة لأجل السنام، قلا أبو جعفر: أعطيَ المحل سلب مالك ففرح به، وأقبل راجعًا، وقزَّع الرجل بالقاف والزاي المعجمة: إذا أسرع في سيره، وقزَّع القوم رسولًا: إذا أرسلوا، أراد أنّك تسعى بخبر موته مسرعًا كمجيء البريد.

وقوله: فلا تفرحن ... إلخ: دعاء عليه، أي: لا فرحت بنفسك، وقوله: وقاعًا على من تشجعا، أي: لا يُفلت من الموت أحد يقول: آثرت الثيابِ، وجئت تعدو بشيرًا تُري الناس أنك قد فزعت لمقتله، وإنما ذلك شماتة منكَ. وقوله: لعلك يومًا إلى آخره، الإلمام: النزول، والملمة: البلية النازلة، والأجدع: المقطوع الأنف والأذن، ويستعمل في الذَّليل، وهو المراد هنا، يقول: أيها الشامت، لا تكن فرحًا بموت أخي، عسى أن تنزل عليك بلية من البليات التي يتركنك ذليلًا خاضعًا.

وقوله: نعيت: أمرًا إلى آخره، النعي: الإخبار بالموت، والممزّع: الممزق والمفرق، يقول: لو كنت أنت القتيل لآوى لحمك بدفنه، سواء كان مجموعًا أو ممزَّقًا. وقوله: فلا يهنئ الواشين، إلى آخره، هذا دعاء عليهم في صورة النهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>