البيت اسمًا كان كما كان في قوله تعالى:(مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا)[النحل/ ٣٠] لكان النحب نصبًا. انتهى.
وقال ابن السيد في شرح "أبيات الجمل": من اعتقد في نحب البدل، فموضع "ما" رفع على كلّ حال، ومن اعتقد أن قوله: أنحب خبر مبتدأ مضمر كأنّه قال: أهو نحب، جاز أنت تكون "ما" مرفوعة المحل، وجاز أن تكون منصوبة الموضع. انتهى.
أقول: من هذا أخذ الدماميني اعتراضه على المصنف، وشذ المحقق الرضي فجعل "ذا" زائدة، وقوله: ألا تسألان، خطاب لصاحبين له، وقيل: إنما هو خطاب واحد، فزعم بعضهم أنَّ العرب تخاطب الواحد بخطاب الاثنين، وحكي عن بعض الفصحاء وهو الحجاج، يا حرسي اضربا عنقه، ومثله قوله تعالى:(ألْقِيَا فِي جَهَنَّمَ)[ق/ ٢٤] فإنه خطاب للملك، وهذا شيء ينكره حذاق البصريين، لأنه إذا خوطب الواحد بخطاب الاثنين يقع اللّبس، وذهب المبرد إلى أن التثنية للتوكيد تؤدي عن معنى: ألقِ ألقِ.
والسؤال هنا بمعنى الاستفهام، وألا: للاستفتاح، والمحاولة: استعمال الحيلة، وهي الحذق في تدبير الأمور، ولام المرء للعهد الذهني وهو الساعي في تحصيل الدّنيا، وقيل: يعني به نفسه، وقيل: اللاّم للجنس لا يعني به معينًا، والنحب: النذر، يقول: اسألوا هذا الحريصَ على الدّنيا عن هذا الّذي هو فيه، أهو نذر نذره على نفسه فرأى أنَّه لا بدَّ من فعله، أم هو ضلال وباطل من أمره. وقد أخطأ العيني هنا في زعمه أن جملة "يقضي" صفة لنحب، فإنَّ الفاء مانعة من الوصفية.