للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال طُفيل الغنوي:

نُبِّئْتُ أنَّ أبَا شُيَيْمٍ يدَّعي مَهْمَا نَعِشْ نسَمَعْ بما لم نَسْمَعِ

وكقول حاتم الطائي:

وإنَّكَ مَهْما تُعْطِ بطنَكَ سُؤْلَهُ ... وفرْجَكَ نالا مُنتهى الذَّمِّ أجْمَعَا

هذا آخر كلامه. قال أبو حيان في "شرح التسهيل" بعد ما نقل هذا وغيره: قد ردَّ على المصنف دعواه أنَّ ما ومهما يكونان ظرفين في الشرط ابنُهُ بدر الدين، فكفانا الرد عليه، فقال: لا أدري في هذه الأبيات حجة، لأنه كما يصح تقدير ما ومهما بظرف زمان، كذلك يصح تقديرها بالمصدر على معنى: أيّ كون قصير أو طويل تكون فينا، وأيّ! حياة هنيَّةٍ أو غير هنيَّةٍ تحي لا نسأم، وأيّ عطاء قليلًا أو كثيرًا تُعط بطنك، لكن يتعين جعل ما ومهما في الأبيات المذكورة مصدرين، لأنَّ في كونهما ظرفين شذوذًا وقولًا بما لا يعرفه جميع النحويين، بخلاف كونهما مصدرين، لأنه لا مانع من أن يكني بما ومهما عن مصدر فعل الشرط، كما لا مانع أن يكنّي بهما عن المفعول به، إذ لا فرق. انتهى ما ردَّ به ابن المصنف على والده، رحمهما الله. ويحتمل عندي بيت حاتم توجيهًا آخر غير ما ذكره ابن المصنّف، وهو أن يكون "مهما" مفعولًا ثانيًا لتعط، بطنك مفعولًا أوَّل، وسؤله بدل من بطنك لا مفعول ثان، فلا يكون في البيت حجة على استعمال مهما ظرفًا، فتكون مهما في البيت نظيرها في قول امرئ القيس:

وأنَّكِ مَهْمَا تأمُرِي القلب يَفْعَلِ

إلى هنا كلام أبي حيّان.

والبيت الشاهد من قصيدة للفرزدق، كما قال ابن مالك، وأنشده أبو علي أيضًا في "البغداديات" قال: وأخبرني أبو بكر عن أبي العباس قال: أنشدني أبو عثمان للفرزدق:

<<  <  ج: ص:  >  >>