ما عدا المذكور موقوف على الدليل، وقال الجويني: الخلاف مبني على أنَّ الاستثناء من النفي إثبات أم لا؟ فإن قلنا: إنه إثبات، فالحصر ثابت بالمنطوق، وإلا فهو مفهوم، وإجراء هذا الخلاف في ما وإلا بعيد، والقول بأنها لا تفيد الحصر أصلًا، وإنما تفيد التأكيد مذهب الجباوي والآمدي ومن تبعهما، وهو المنقول عن أهل اللغة وارتضاه أبو حيان، وأيّده، ونقله عن البصريين، وقال القاضي والكِيًا: إنها محتملة التأكيد والحصر، وعليه استعمال العرب، ومن المفسرين من قال: إنها للحصر، كالرماني وابن عطية، والزمخشري، والفراء، وحجته "إنما الولاء لمن أعتق" ولا تكون ابتداء، بل رد الأمر محقق أو مقدر، واستدلوا بقوله تعالى:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[المائدة/ ٢٧] وآيات أخر، وحكى ابن فارس أنها جاءت للتحقير، كقولك:"إنما أنا بشر"، وحكى ابن بابشاذ مجيئها للتقليل، ومجرد التأكيد، وقال ابن دقيق العيد: إنها للحصر مجازًا، والظاهر أنها وضعت للحصر من غير تركيب ونقل، وقال الفخر الرازي في توجيهه: إنَّ "إنَّ" للإثبات و"ما" للنفي، والأصل بقاؤهما على أصلهما، ولا يتوجهات معًا للمذكور والآخر لغيره، وليست ما لنفي المذكور وفاقًا، فتعين عكسه، وهو معنى القصر، وردَّ بأنَّ حكم الإفراد غير حكم التركيب، ولا نسلم أنه مركب، لأن الأصل عدم التركيب والنقل، وكون "إنَّ" للإثبات، وما النفي هنا ممنوع لدخولهما على المثبت والمنفي، فما كافة لا نافية للزوم اجتماع حرفي نفي وإثبات بلا فاصل، وخروجهما عن حقهما من الصدارة، والنصب في لغة، ويكون معنى "إنما زيد قائم" عدم قيامه. وقال أبو حيّان: هذا كلام من لم يشمّ رائحة العربية، وقال العضد: مراد الإمام أنها للحصر، وفيه إثبات ونفي لا أنها باقية على أصلها، وحكاه في "المحصول" عن