قال سيبويه: إني مما أفعل ذاك، فتكون ما مع أفعل بمنزلة كلمة واحدة، وأنشد لأبي حيَّة:
وإنَّا لَمِمَّا نَضْرِبُ الكبشَ ضَرْبَةً
وقال أبو العباس: تقول: إني مما أفعل، على معنى: ربما أفعل إن أراد به أن "ما" كافة لمن كما أنها كافة لربّ، فهو كما قال سيبويه: وإن أراد أنّه للتقليل كما أنَّ ربّما للتقليل، كان ذلك مسوّغًا إذا ثبت مسموعًا، ويبعد ذلك في البيت، فإنّه ينبغي أن يكون غير مقلل لضربه للكبش على رأسه، وقد يجوز أن يتغير معنى الحرف لانضمام "ما" إليه، كما تغير معنى لو بانضمام "لا" إليه. انتهى كلامه. وأورده سيبويه في باب ان والتي تكون والفعل بمنزلة مصدره، وتقول: إني مما أفعل ذلك، كأنّه قال: إني من الأمر أو من الشأن أن أفعل ذلك، فوقعت ما في هذا الموضع، وإن شئت، قلت: إني مما أفعل فتكون ما مع من بمنزلة كلمة واحدة نحو: ربّما، قال أبو حية النميري:
وإنّا لمِمَّا نَضْرِبُ الكَبْشَ .. البيت
ولم يكتب السيرافي هنا شيئًا، وكتب أبو علي في "التعليقة" على الشق الأوَّل قال: قوله: وتقول: إني مما أن أفعل .. الخ، قال أبو علي: موضع "أن" في قولك إني مما أن أفعل ذلك رفع، وقد أقيم المضاف إليه مقام المضاف، كأنّك قلتِ: إني من الأمر صاحب أن أفعل، أي: صاحب فعل ذلك، فحذف المضاف أعني: صاحب المقدر. انتهى. وقال الأعلم: الشاهد في قوله: لمما، ومعناه كربّما، وهي مِنْ زيدت إليها ما، وجعلت معها على معنى ربّما، وأراد بالكبش الرئيس. لأنه يقارع دون القوم ويحميهم. انتهى. مدح نفسه أو قومه بالشجاعة، والمصراع الأوَّل أخذه من قول الفرزدق: