شرح شواهد "الجمل" قال: ومهما اسم شرط في موضع رفع بالابتداء، وتكن: جزم بالشرط، واسمها مضمر فيها عائد على مهما، وعند امرئ: في موضع خبر تكن، وقوله: من خليقة: من لتبين جنس المضمر الذي في "تكن"، والجملة بأسرها في موضع رفع على خبر مهما، ومن جعل "مِن" زائدة، فقد أخطأ؛ لأن مهما اسم وهي مبتدأ، والجملة خبرها، ولابد من ضمير يرجع إليها من الخبر، لأن الجملة أجنبية فلابد من رابط، فمن جعل من زائدة وجعل "خليقة" اسم "تكن" لم يكن في الجملة عائد يعود على مهما من الخبر، فهذا وجه امتناعها، انتهى.
وأجاب المصنف في بحث مهما بجوابين، أحدهما: ما قاله اللخمي، والثاني: أن مهما خبر تكن، وخليقة اسمها، و"من" زائدة، ويكن بالمثناة التحتية، قال صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى: (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)[الأعراف/١٣٢] الضمير في به وبها راجعان إلى مهما، إلا أن أحدهما ذكر على اللفظ، والثاني أنث على المعنى؛ لأنه في معنى الآية، ونحوه قال زهير:
وَمَهْمَا يَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... البيت
قال شارحه اليمني: ذكر الضمير في يكن حملًا على لفظ مهما، وأنث الباقي حملًا على معناه؛ لأنه في معنى الخليقة، والخلق والخليقة واحد، والتأنيث في الآية والبيت جاءا بعد التبيين، والخلق والخليقة والسجية والسليقة والنقيبة والغريزة والشيمة والخيم كله بمعنى الطبيعة، يقول: من أسر خليقة من خير أو شر، وقدر أنها تخفى فإنها لابد من ظهورها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من أسر سريرة ألبسه الله رداءها"، وخالها: ظنها، وإن وصلية، والبيت من معلقة زهير بن أبي سلمى وتقدمت ترجمته في الإنشاد الخمسين.