وقوله: فقلت له لما تمطى بصلبه. وروى الأسمعي: بجوزه، بفتح الجيم، ومعناه لما تمدد، بوسطه، وقوله: وأردف أعجازاً، قال الأصمعي: معناه حين رجوت أن يكون قد مضى أردف أعجازاً، أي: رجع، وناء بكلكل، أي: تهيأ لينهض، والكلكل: الصدر، وقال بعضهم: معنى البيت: ناء بكلكله، وتمطى بصلبه، وأردف أعجازاً، فقدم وأخر، وقوله: ... بأمثل، أي: بأفضل، قال ابن أبي الإصبع في "تحرير التحبير" استعار لظلمة الليل السدول المرخاة، لما بين المستعار والمستعار له منا اجتماعهما في منع الأبصار من الإبصار، وفائدة الاستعارة نقل الأخفى إلى الأظهر، لأن السدول تدرك بحاستي البصر واللمس، والظلمة تدرك بإحداهما دون الأخرى، ثم تمم بكونه جعل السدول مرخاة، لأن ذكرها بدون هذا القيد لا يوفي بالمعنى الذي قصده من منع رؤيته ما وراءها، لاحتمال أن تكون مرفوعة، وكذلك قصد بقوله: لما تمطى بصلبه، فإنه أراد وصف الليل بالطول، فاستعار له صلباً يتمطى به، إذا كان كل ذي صلب يزيد في طوله عند تمطيه شيئاً، وبالغ في طوله بأن جعل له أعجازاً يردف بعضها بعضها، فهو كلما نفد عجز ردفه عجز فلا تفنى أعجازه، ولا تنتهي إلى طرف، كما قيل في قوله تعالى:(لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا)[النبأ/ ٢٣] قال قتادة: أحقاباً: لا انقطاع لها كلما مضى حقب جاء حقب بعده، ثم أراد أن يصف الليل بعد نهاية الطول بالثقل على قلب ساهره، والضغط لمكابده، فاستعار له كلكلاً ينوء به ولأجل هذه المعاني كانت الاستعارة أبلغ من الحقيقة. انتهى.
وللنابغة الذبياني أبيات في طول الليل، وقد وقع البحث فيها مع أبيات امرئ القيس في أن أيهما أفضل، وقد ذكرنا التفصيل بينهما في الشاهد السابع والثلاثين بعد المائة من شواهد الرضي.