فزجره فضربه بجيل بعصاه، واحترقه، فجعل عقيل يصيح: يا علفة، يا عملس بأسماء أ, لاده مستغيثاً بهم، فقال له أرطاة بن سهية:
أكلت بنيك أكل الضب حتى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل
ولو كان الألى غابوا شهوداً ... منعت فسناء بيتك من بجيل
وبلغ خبر عقيل ابنه العملس بالشام، فأقبل إلى أبيه حتى نزل إليه، ثم عدا إلى بجيل، فضربه ضرباً مبرحاً وعقر عدة من إبله، وأوثقه، وجاء به حتى ألقاه بين يدي أبيه، ثم ركب راحلته، وعاد من وقته إلى الشام، ولم يطعم له طعاماً، ولم يشرب له شراباً. انتهى.
وأرطاة بن سهية: بضم السين المهملة وفتح الهاء وتشديد المثناة التحتية، قال ابن قتيبة: هو من بني مرة بن عوف بن سعد، ويكنى أبا الوليد، ودخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: هل تقول اليوم شعراً؟ فقال: كيف أقول وأنا لا أشرب، ولا أطرب، ولا أغضب، وإنما يكون الشعر بواحدة من هذه؟ على أني أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي ... كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تبقى المنية حين تغدو ... على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلم أنها ستكر حتى ... توفي نذرها بأبي الوليد
فتطير عبد الملك، وكان يكنى: أبا الوليد، فقال: لم أعنك، إنما عنيت نفسي.
وقال البكري في "اللآلئ شرح أمالي القالي": أرطاة بن سهية: هو أرطاة ابن زفر بن جزء بن شداد، أحد بني مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة، أمه سهية كلبية، وكانت أخيذة غلبت عليه، وهو شاعر إسلامي، قال الشعر زمن معاوية، وبقي إلى زمن سليمان أو بعده.