هذا المار؟ قال: لا، قال: هو سواد بن قارب، وهو رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع، وهو الذي أتاه رئيه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال عمر: علي به، فدعي له. قال: أنت سواد بن قارب؟ قال: نعم، قال: أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله، صلى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك! فغضب غضباً شديداً، وقال: يا أمير المؤمنين، ما استقبلني بها أحد منذ أسلمت، فقال عمر: سبحان الله، والله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك؛ أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال: نعم يا أمير المؤمنين: بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني رئيي، فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب، فالهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعوى إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتجاسسها ... وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... وانم بعينيك إلى راسها
قال: ولم أرفع بقوله رأساً، وقلت: دعني أنم فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثانية، أتاني، فضربني برجله، وقال: ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم، فافهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأذنابها
قال: فلم أرفع بقوله رأساً، فلما كانت الليلة الثالثة: أتاني، فضربني برجله،