للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمنزلة قوله تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ) [الفرقان/ ٢٢] والظرف بمنزلة الجار والمجرور، لأنا لجار مراد معه، والدليل على أن "أن" في هذا النحو بمنزلة المثبت في اللفظ ماجاء من قولهم: "لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" حذفوا أن من هذا الكلام، فقالوا: تسمع بالمعيدي، فلولا أن "أن" في حكم المثبت، لم يجز هذا الكلام، ألا ترى أنك لا تخبر عن الجمل، ويدل على ذلك قولهم: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، فلولا أن "أن" محذوفة مثلها مثبتة، ما جاز أن يعطف على تسمع الذي هو فعل بالاسم، ويدل على أنها محذوفة في هذا النحو بمنزلتها مثبتة أن أبا عثمان قد حكى عن ابن قطرب عن أبيه أنه سمع من العرب من يقول:

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى

بالنصب، فلولا أنها في حكم الإثبات لم ينصب الفعل، وقد حكى أحمد بن يحيى نحو ذلك، فقال: خذ اللص قبل يأخذك، وحكى أبو الحسن نحو ذلك، وقد جاء حذف أن من الكلام وما بعده مسنداً إلى الفعل، أنشد أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:

وما راعني إلا يسير بشرطة ... وعهدي به قيناً يفش بكير

تقديره: "إلا أن يسير بشرطة" فلماحذفت "أن" جاز رفع الفعل وإن كانت مرادة. انتهى كلامه.

وقال أيضاً في باب "عسى" من ذلك الكتاب: أنشد أحمدبن يحيى:

وما راعنا ألا يسير بشرطة ... وعهدي به قيناً يفش بكير

فكما أن هذا على حذف "أن " تقديره: ما راعنا إلا سيره بشرطة، كذلك يكون فاعل عسى في نحو: عسى يفعل، إنم هو: عسى أن يفعل، كقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>