كصاحب الدنيا أكثر آفات، وأعظم نائبة، ولا أبغض عيشاً. قال العزيزي: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: لبابة بنت جعفر بن أبي جعفر، قد عرفتم موقعها مني، وأثرها عندي، كلمتني بإدلال فأغلظت، فلم لكن لها عندي احتمال ولا عندها إبصار حتى وثبت عليها، وضربتها ضرباً موجعاً، قال: وسكت، فقال ابن دأب: يا أميرا لمؤمنين، إنك والله لمت أت منكراً ولا بديعاً، قد كان أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يؤدبون نساءهم، ويضربونهن؛ هذا الزبير بن العوام حواري رسول الله وابن عمته، وثب على امرأته أسماء بنت أبي بكر، وهي أفضل نساء أهل زمانها، فضربها في شيء عتب عليها فيه ضرباً مبرحاً حتى كسر يدها، وكان ذلك سبب فراقها، وذلك أنها استغاثت بولدهاعبد الله، فجاء يخلصهامن أبيه، فقال: هي طالق إن حلت بيني وبينها، ففعل، وبانت منه، وهذا كعب بن مالك الأنصاري عتب على امرأته، وكانت من المهاجرات، فضربها حتى حال بنوها بينه وبينها فقال:
ولولا بنوها حولها لخبطتها ... كخبطة فروج ولم أتلعثم
قال: فسري عن موسى الهادي الغضب، وطابت نفسه، ودعا بالطعام، وأكلنا، وأمر له بعشرة آلاف دينار وثلاثين ثوباً، فتلهفت، وتعجبت من انقطاعي عن الحديثين، وهما في أبي، وأنا أعلم به مني. هذا آخر كلمه.
وقد نسب المصنف هذا البيت هنا، وفي "شرح أبيات ابن الناظم" إل الزبير ابن العوام، وكأنه اشتباه نظر نشأ من حكايته مع حكاية كعب بن مالك، وتبعه من جاء بعده في نسبته إلى الزبير، منهم: العيني والسيوطي، وشارح شواهد التفسيرين: خضر الموصلي، وشراح هذا الكتاب.