على أن بعضهم قال:"غداة البين": ظرف للنفي، واقتصر المصنف في "شرح بانت سعاد" على تعلق غداة بكاف التشبيه المحذوفة، بل آل كلامه هناك إلى أنه لا يجوز تعليق غداة إلا بذلك الحرف، فإنه قال هناك: فإن قلت: الحرف الحامل لمعنى التشبيه مقدر بعد إلا، وما بعد إلا لا يعمل فيما قبلها إذا كان فعلاً مذكوراً بالإجماع، فما ظنك به إذا كان حرفاً محذوفاً؟ قلت: المخلص من ذلك أن يقدر حرف التشبيه قبلها، وقبل الظرف أيضاً، داخلاً على سعاد، أي: وما كسعاد في هذا الوقت إلا ظبي أغن. انتهى. ولا ضرورة إلى ذلك، ولا إلى تعلقه بحرف النفي؛ لجواز تعلقه بمضاف محذوف، والتقدير: وما وصف سعاد غداة البين إلا كوصف ظبي أغن، أو ما حال سعاد إلا كحال ظبي، فالظرف يتعلق بهذا المضاف، كما قالوا يتعلق الظرف به في قوله تعالى:(واذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إذِ انتَبَذَتْ)[مريم/١٦] أي: حال مريم وأتعجب من قول المصنف هنا: وقد ذكرت في شرحي لقصيدة كعب أن المختار تعلق الظرف بمعنى التشبيه. انتهى. وأراد بغير المختار: التعلق بحروف النفي، ووجه التعجب أنه لم يذكر هناك تعلق بحرف النفي أصلاً، وإنما ذكر تعلقه بحرف التشبيه لا غير، وإخباره هذا مبني على توهم ذكرها هناك من غير مراجعة، ولم ينتبه لهذا شراح المغني.
والبيت من أول قصيدة "بانت سعاد" والغداة: مقابل العشي، والمراد هنا مطلق الزمن، والبين: الفراق، وإذ: بدل من غداة. وجمع ضمير "سعاد" في رحلوا باعتبار قومها، والأغن من وصف الظبي، والغنة: صوت لذيذ يخرج من الأنف، شبهها بالظبي الأغن، ووجه الشبه هنا النفور، والطرف: العين، والغض: فتور وانكسار يكون في الأجفان. وقد شرح المصنف هذا البيت شرحاً وافياً شافياً في شرحه لهذه القصيدة. وقد كتبنا ما يتعلق به في حاشيتنا عليه. وترجمة كعب تقدمت في الإنشاد العشرين بعد الثلاثمائة.