وقفت على السؤالين الملوح بشر مصدرهما، وهجنة مصدرهما، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الأغلوطات" وزجر عن تطلب السقطات والعثرات، وكان ابن سيرين [رحمه الله] إذا سئل عن عويص اشمأز منه، وقال: سل أخاك إبليس عن هذا، ومع هذا فإني كرهت رد السائل، ولرب عيني أفصح من لسن، لا سيما إذا لم يأت بحسن.
أما السؤال الأول، فهو من مسائل المعاياة، وأسئلة الإعنات، ولا عيب أن يجهله النحوي المدرس فضلاً عمن لا يدعي ولا يلبس، وهو من الأبيات التي جرى فيها التقديم والتأخير لضرورة الشعر، تقديره: تعيرنا أننا عالة صعاليك ملوكاً أنتم ونحن، وعالة فيه: جمع عائل، المشتق من عال يعول، وانتصاب صعاليك به، وملوكاً صفتهم.
وأما أسمر وأبيض، فإنما أعملا لمجيء الفعل منهما على أفعل وأفعال المخالفين لزنتهما، فهذا ما حضرني من الجواب، ولعلني نكبت فيه عن طريق الصواب.
قلت: وما أرى هذا الجواب مستقيماً، لأن الملوك لا يكون صفة للصعاليك، وقوله في تقديره:"صعاليك ملوكاً أنتم ونحن" لا معنى له، وإنما الصواب أن يقال: عالة بمعنى عالني الشيء إذا أثقلني، أي: تعيرنا بأنا عالة ملوكاً، أي نثقلهم بطرح كلنا عليهم في حال التصعلك، فصعاليك منصوب على الحال، وقوله: ونحن مبتدأ، وأنتم خبره، أي: ونحن مثلكم، فكيف تعيرنا، قال الله عز وجل: