للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا أحمد بن عبيد، حدثنا الأصمعي عن عوانة قال: كان للنعمان بن المنذر مجلس قد اتخذه قريباً من قصره بالحيرة، وجعله لنزهته، وجعل تحته طاقات معقودة تحمله، وجعل ضهره مقعداً، وبالغ في تحسينه وتبييضه حتى كان يلمع، وسماه ضاحكاً، وكان له فرس يسميه اليحموم، وقد ذكرته العرب في اشعارها، وكان للنعمان أخ من الرضاعة يقال له: سعد ولقبه القرقورة، من أهل هجر، وكان اضحك الناس وأبطلهم، وكان النعمان معجباً به، فجلس النعمان يوماً في مجلسه ذلك، وأتي بحمار وحش، فدعا بفرسه اليحموم، وقال: يا سعد، قم فاركبه، وخلوا عن هذا الحمار وادفعوا إلى سعد مطرداً حتى يطلبه ويصرعه. فقال سعد: إني إذن أكون أنا الصريع لا الحمار، مالي ولهذا؟ فقال: أقسم لتفعبن، ثم أمر بسعد فحمل على الفرس، ودفع إليه الرمح، وخلي عن الحمار، فنظر إلى ابن له قائماً في النظارة، فقال: "بأبي وجوه اليتامى" فأرسلها مثلاً، وركض به الفرس، فطار عقله، فألقى الرمح من يده، وأكب على معرفة الفرس، فتعلق بها وصاح، فضحك الناس، وقال: أدركوه، فأدرك، وأنزل. وقال سعد في ذلك:

نحن بغرس الودي أعلم منا ... بقياد الجياد في السدف

يا لهف أمي فكيف أطعنه ... مستمسكاً واليدان في العرف

قد كنت أدركته فأدركني ... للحين عرق من معشر عنف

انتهى ما أورده اليمني.

<<  <  ج: ص:  >  >>