وانتصب "أهلاً بمضمر تقديره: جعل الله أهلاً بتلك الدار، فتكون مأهولة، وإنما تكون مأهولة إذا سقيت الغيث، وأنبتت الكلأ، فيعود إليها أهلها، وهو في الحقيقة دعاء لها بالسقي، وقوله: ظلت بها .. إلى آخره، يريد: ظللت، فحذف إحدى اللامين تخفيفاً، يقول: ظللت بتلك الدار تنثني على كبدك واضعاً يدك فوق خلبها، والمحزون يفعل ذلك كثيراً لما يجده في كبده من حرارة الوجد يخاف على كبده أن تنشق كما قال:
عشية أثني البرد ثم ألوثه ... على كبدي من خشية أن تقطعا
وقال الصمة القشيري:
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا
وقد ذكره أبو الطيب، فقال:
فيه أيديكما على الظفر الحلو وأيدي قوم على الأكباد
والانطواء كالانثناء، والنضج لليد، ولكن جرى نعتاً للكبد لإضافة اليد إليها. كقوله تعالى:(ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها)[النساء/٧٥] الظلم للأهل، وجرى صفة للقرية، وجعل اليد نضيجة لأنه أدام وضعها على الكبد، فأنضجها بما فيها من الحرارة، ولهذا جاز تسميته باسم ما يصحبه كانت الإضافة أهون؛ فلطول وضع يده على الكبد أضافها إليها، لأنها كأنها الكبد لما لم تر إلا عليها، والخلب، بالكسر: غشاء للكبد رقيق لازق بها، وارتفع يدها بنضيجة،