للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الصحيح: أن زاداً ليس بتمييز، بل أحد ما ذكره؛ وهذا التصحيح لابن يعيش. قال في "شرح المفصل": اختلف الأئمة في هذه المسألة فمنع سيبويه [ذلك وأنه لا يقال: "نعم الرجل رجلاً زيد"]، و [كذلك] السيرافي، وابن السراج وأجازه المبرد، وأبو على، واحتج [في ذلك] سيبويه بأن المقصود من المنصوب والمرفوع الدلالة على الجنس وأحدهما كافٍ على الآخر وأيضاً، فإن ذلك ربما أوهم بأن الفعل الواحد له فاعلان، وذلك إن رفعت اسم الجنس، فإنه فاعل، وإذا نصبت النكرة بع ذلك آذنت بأن الفعل فيه ضمير فاعل، لأن النكرة المنصوبة لا تأتي إلا كذلك، وحجة المبرد في الجواز الغلو في البيان والتأكيد، والأول أظهر، وأما بيت جرير وهو:

تزود مثل زاد أبيك فينا ... البيت ...

فإن المبرد أنشده شاهداً على جواز ذلك، [فإنه رفع الزاد المعرف بالألف واللام بأنه فاعل نعم وزاد أبيك هو المخصوص بالمدح وزاداً تمييز وتفسير]، فالقول عليه أإنا لا نسلم أن زادا منصوب بنعم، وإنما هو مفعول به بتزويد، والتقدير: تزود زاداً مثل زاد أبيك فينا، فلما قدم صفته عليه نصبها على الحال، ويجوز أن يكون مصدراً مؤكداً محذوف الزوائد، والتقدير: تزود مثل زاد أبيك فينا تزوداً. ويجوز أن يكون تمييزاً لمثل، كما يقال: ما رأيت مثله رجلاً، وعلى تقدير أن يكون العامل فيه "نعم" فإن ذلك من ضرورة الشعر، لا يجعل قياساً. وقد بسطنا الكلام على هذا في الشاهد الرابع والستين بعد السبعمائة من شواهد الرضي.

والبيت من قصيدة لجرير في مدح عمر بن عبد العزيز، تقدم أبيات منها في الإنشاد السادس عشر من أوائل هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>