قال ابن جني في "إعراب الحماسة": قوله: "مدية بيدي" جملة منصوبة الموضع على الحال، أي تراني جاعلاً سكيناً، ويجوز مدية بالنصب على بدل الاستمال من الياء، أي: ترى مدينة بيدي، والباء على الأول مرفوع الموضع، لأنها خبر مدية، وهي متعلقة بمحذوف، وفي الثاني لك أن تجعلها صفة لمدية، فيتعلق أيضاً بمحذوف انتهى. وأراد بالتعليق الربط.
وقال المصنف في شرح أبيات ابن الناظم: وأما من نصب "مدية" فهي مفعول لمحذوف، أي: حاملاً أو آخذاً، أو بدلاً من الياء، وهو ضعيف. انتهى. وكان وجه الضعف أن بدل الاشتمال لابد له من ضمير يعود على المبدل منه، ولا ضمير متصل بمدية يعود على المتكلم، وفيه أن "مدية" وإن لم يتصل بها ضمير، فقد اتصل بصفتها الضمير، وهو كاف.
وقوله: تركت ضأني. الترك: يتعدى إلى مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، لتضمنه معنى الجعل، وضأني: المفعول الأول، وجملة "تود" المفعول الثاني، والضأن: ذوات الصوف من الغم، الواحدة: ضائنة، قال ابن الأنباري: الضأن مؤنثة، والراعي: حارس الغنم، وسائر المواشي.
قال ابن جني: راعيها: مفعول ثان، ويؤنسك أن ل "وددت" مفعولين، وقوع "أن" بعدها كوقوعها بعد علمت، وهذا لعمري ليس بقاطع، لقولك: ظننت الحديث، وطننت أنك فاعل، لكن في وقوع "أن" بعدها تأنيساً بتعديها إلى مفعولين، لأنها مما يقع بعد المتعدى إليهما.
وقوله أيضاً هنا "راعيها" معرفة يكاد يوحشك من كونه حالاً، ولا يبعد عندي فيه الحال، وذلك أنه لا يومئ بهذا إلى راع معين، وأنت أيضاً تجد معناه راعياً [لها]، فلما كان المعنى معنى النكرة [لم يبل فيه بلفظ المعرفة. انتهى.