فقال لرسوله حين جاءه: إن حليف قريش لا يجير عىل صميمها، وكان حليف بني زهرة، فرجع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخبره، قال: فانطلق إلى سهيل بن عمرو، من بني عامر بن لؤي، فانطلق إلى سهيل، فذكر ذلك له، فقال سهيل: إن بني عامر لا تجير على بني كعب بن لؤي، فرجع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخبره، فقال: انطلق إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، فقال: إن محمداً أرسلني إليك لتجيره من قريش حتى يطوف بالكعبة. قال: أفعل، قد أجرته، فليأت، فلا بأس عليه، فجاء، صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج مطعم في بنيه ومن أطاعه من قومه حتى طاف بالكعبة، فأتاه أبو سفيان بن حرب، فقال: أمجير أم مانع؟ قال: بل مجير، قال: فإذن لا يخفر جوارك، فقعد معه أبو سفيان حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن مطعماً هلك. فقال حسان يرثيه، ويذكر وفاءه:
أعيني ألا ابكي سيد واسفحي ... بدمع فإن أنزفته فاسكبي الدما
وبكي عظيم المشعرين وربها ... على الناس معروف له ما تكلما
فلو كان مجد يخلد اليوم واحداً ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا ... عبادك ما لبى ملب وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها ... وقحطان أو باقي بقية جرهما
لقالوا هو الموفي بخفرة جاره ... وذمته يوماً إذا ما تذمما
فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم ... على مثله منهم أعز وأكرما
إباء إذا يأبى وألين شيمة ... وأنوم عن جار إذا الليل أظلما
وقوله: إذا ما تذمما. يقال: تذممه، أي: أعطاه ذمته، ومطعم: أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم، وبني عبد المطلب.